التفاسير

< >
عرض

إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا
١
وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا
٢
وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا
٣
يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا
٤
-الزلزلة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مختلف فيها، وآيُها ثمان

{ إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ } أَيْ حُرِّكتْ تحريكاً عنيفاً مُتكرراً متداركاً { زِلْزَالَهَا } أي الزلزالُ المخصوصُ بَها عَلَى مُقْتصى المشيئةِ الإلهيةِ المبنيةِ على الحكمِ البالغةِ وهُو الزلزالُ الشديدُ الذي لا غايةَ وراءَهُ أو زلزالُها العجيبُ الذي لا يُقَادرُ قدرُهُ أو زلزالُها الداخلُ في حيزِ الإمكانِ وقُرِىءَ بفتحِ الزَّاي وهو اسمٌ وليسَ في الأبنيةِ فعلالٌ بالفتحِ إلا في المضاعفِ وقولُهم خَزْعَالٌ نادرٌ وقَدْ قيلَ: الزلزالُ بالفتحِ أيضاً مصدرٌ كالوَسواسِ والجرَجارِ والقَلقالِ وذلكَ عندَ النفخةِ الثانيةِ لقولِه عزَّ وجلَّ { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } أي ما في جَوْفها من الأمواتِ والدفائنِ جمعُ ثَقَلٍ وهُو متاعُ البـيتِ وإظهارُ الأرضِ في موقعِ الإضمارِ لزيادةِ التقريرِ أوْ للإيماءِ إلى تبدلِ الأرضِ غيرَ الأرضِ أو لأنَّ إخراجَ الأثقالِ حالُ بعضِ أجزائِها { وَقَالَ ٱلإِنسَـٰنُ } أيْ كُلُّ فردٍ من أفرادِه لما يَدهمُهْم منَ الطامَّةِ التامَّةِ ويبهرهُم مِنَ الدَّاهيةِ العامَّةِ { مَا لَهَا } زُلزلتْ هذهِ المرتبةَ الشديدةَ منَ الزلزالِ وأخرجتْ ما فيَها منَ الأثقالِ استعظاماً لما شاهدُوه منَ الأمرِ الهائلِ وقد سيرتِ الجبالُ في الجَوِّ وصيرتْ هباءً وقيلَ: هُو قولُ الكافرِ إذْ لمْ يكُنْ مؤمناً بالبعثِ والأظهرُ هُو الأولُ عَلى أنَّ المؤمنَ يقولُه بطريقِ الاستعظامُ والكافرُ بطريق التعجبِ { يَوْمَئِذٍ } بدلٌ منْ إِذا وقولُه تعالَى: { تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا } عَامِلٌ فيهمَا ويجوزُ أن يكونَ إذَا منتصباً بمضمرٍ أيْ يومُ إذْ زلزلتْ الأرضُ تحدثُ الخلقَ أخبارِها إمَّا بلسانِ الحالِ حيثُ تدلُّ دلالةً ظاهرةً على ما لأجلِه زلزالُها وإخراجُ أثقالِها وإما بلسانِ المقالِ حيثُ ينطقُها الله تعالَى فتخبرُ بما عُمِلَ عليَها منْ خيرٍ وشر ورُوِيَ عنِ النبـيِّ صلى الله عليه وسلم: "أنها تشهدُ على كُلِّ أحدٍ بما عَمِلَ عَلى ظَهرِهَا" وقُرِىءَ تنبىءُ أخبارَها وقُرِىءَ تنبىءُ منَ الإنباءِ.