التفاسير

< >
عرض

وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ
٢١
وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٢٢
-إبراهيم

مقاتل بن سليمان

قال سبحانه: { وَبَرَزُواْ للَّهِ جَمِيعاً }، يقول: وخرجوا من قبورهم إلى الله جميعاً، يعني بالجميع أنه لم يغادر منهم أحد إلا بعث بعد موته، { فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ }، وهم الأتباع من كفار بني آدم، { لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ }، يعني للذين تكبروا عن الإيمان بالله عز وجل، وهو التوحيد، وهم الكبراء في الشرف والغنى القادة، { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } لدينكم في الدنيا، { فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا } معشر الكبراء، { مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ }، باتباعنا إياكم.
{ قَالُواْ }، يعني قالت الكبراء للضعفاء، { لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ }، ذلك أن أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالوا نجزع من العذاب، لعل ربنا يرحمنا، فجزعوا مقدار خمسمائة عام، فلم يغن عنهم الجزع شيئاً، ثم قالوا: تعالوا نصبر لعل الله يرحمنا، فصبروا مقدار خمسمائة عام، فلم يغن عنهم الصبر شيئاً، فقالوا عند ذلك: { سَوَآءٌ عَلَيْنَآ } { أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } [آية: 21]، من مهرب عنها.
{ وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ }، يعني إبليس، { لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ }، يعني حين قضى العذاب، وذلك أن إبليس لما دخل هو ومن معه على أثره النار، قام خطيباً في النار، فقال: يا أهل النار: { إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ } على ألسنة الرسل، { وَعْدَ ٱلْحَقِّ }، يعني وعد الصدق أن هذا اليوم كائن { وَوَعَدتُّكُمْ } أنه ليس بكائن، { فَأَخْلَفْتُكُمْ } الوعد، { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ }، يعني من ملك في الشرك، فأكرهكم على متابعتي، يعني على دينى، إلا في الدعاء.
فذلك قوله عز وجل: { إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ }، يعني إلا أن زينت لكم، { فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي } بالطاعة وتركتم طاعة ربكم، { فَلاَ تَلُومُونِي } باتباعكم إياي، { وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } بترككم أمر ربكم، { مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ }، يقول: ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمغيثي، { إِنِّي كَفَرْتُ }، يقول: تبرأت اليوم { بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ } مع الله في الطاعة، { مِن قَبْلُ } في الدنيا، { إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ }، يعني إن المشركين، { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [آية: 22]، يعني وجيع.