التفاسير

< >
عرض

وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ
٨٥
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ
٨٦
وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ
٨٧
لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ
٨٨
وَقُلْ إِنِّيۤ أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ
٨٩
كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ
٩٠
ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ
٩١
فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
٩٢
عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٩٣
-الحجر

مقاتل بن سليمان

{ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ }، يقول: لم يخلقهما الله عز وجل باطلاً، خلقهما لأمر هو كائن، { وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَةٌ }، يقول: القيامة كائنة، { فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ } [آية: 85]، يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: فأعرض عن كفار مكة الإعراض الحسن، فنسخ السيف الإعراض والصفح.
{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْخَلاَّقُ } لخلقه في الآخرة بعد الموت، { ٱلْعَلِيمُ } [آية: 86] ببعثهم.
{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي }، يعني ولقد أعطيناك فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات، { وَٱلْقُرْآنَ } كله مثاني، ثم قال: { ٱلْعَظِيمَ } [آية: 87]، يعني سائر القرآن كله.
{ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ }، يعني أصنافاً منهم من المال، { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ }، إن تولوا عنك، { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } [آية: 88]، يقول: لين جناحك للمؤمنين، فلا تغلظ لهم.
{ وَقُلْ } لكفار مكة: { إِنِّيۤ أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ } [آية: 89] من العذاب.
قال سبحانه: { كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ } [آية: 90]، فيها تقديم، يقول: أنزلنا المثاني والقرآن العظيم، كما أنزلنا التوراة والإنجيل على النصارى واليهود، فهم المقتسمون، فاقتسموا الكتاب، فآمنت اليهود بالتوراة، وكفروا بالإنجيل والقرآن، وآمن النصارى بالإنجيل، وكفروا بالقرآن والتوراة، هذا الذى اقتسموا، آمنوا ببعض ما أنزل إليهم من الكتاب، وكفروا ببعض.
ثم نعت اليهود والنصارى، فقال سبحانه: { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ } [آية: 91]، جعلوا القرآن أعضاء، كأعضاء الجزور، فرقوا الكتاب ولم يجتمعوا على الإيمان بالكتب كلها، فأقسم الله تعالى بنفسه للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال سبحانه: { فَوَرَبِّكَ } يا محمد صلى الله عليه وسلم، { لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [آية: 92]، { عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [آية: 93] من الكفر والتكذيب.