التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٦٤
وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
٦٥
وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ
٦٦
وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
٦٧
-النحل

مقاتل بن سليمان

{ وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ } يا محمد صلى الله عليه وسلم، { ٱلْكِتَابَ }، يعني القرآن، { إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ }، وذلك أن أهل مكة اختلفوا في القرآن، فآمن به بعضهم، وكفر بعضهم، { وَهُدًى } من الضلالة، { وَرَحْمَةً } من العذاب لمن آمن بالقرآن، فذلك قوله: { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [آية: 64]، يعني يصدقون بالقرآن أنه جاء من الله عز وجل.
ثم ذكر صنعه ليعرف توحيده، فقال تعالى: { وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً }، يعني المطر، { فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ } بالنبات، { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً }، يقول: إن في المطر والنبات لعبرة وآية، { لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } [آية: 65] المواعظ.
{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرةً }، يعني التفكر، { نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً } من القدر، { سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } [آية: 66]، يسيغ من يشربه، وهو لا يسيغ الفرث والدم.
ثم قال سبحانه: { وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً }، يعني بالثمرات؛ لأنها جماعة ثمر، يعني بالسكر ما حرم من الشراب مما يسكرون من ثمره، يعني النخيل والأعناب، { وَرِزْقاً حَسَناً }، يعني طيباً، نسختها الآية التي في المائدة، كقوله عز وجل:
{ قَرْضاً حَسَنَاً } [البقرة: 245]، يعني طيبة بها أنفسهم، بما لا يسكر منها من الشراب وثمرتها، فهذا الرزق الحسن، ثم قال سبحانه: { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [آية: 67]، يعني فيما ذكر من اللبن والثمار لعبرة لقوم يعقلون بتوحيد الله عز وجل.