التفاسير

< >
عرض

وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ
٨١
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ
٨٢
يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ
٨٣
-النحل

مقاتل بن سليمان

قال: { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً }، يعني البيوت والأبنية، { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً }؛ لتسكنوا فيها، يعني البيوت والأبنية، { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ }، يعني القمص تقيكم { ٱلْحَرَّ }، يعني من الكتان، والقطن، والصوف، { وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ }، من القتل والجراحات، يعني درع الحديد بإذن الله عز وجل، { كَذَلِكَ }؛ يعني هكذا، { يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } [آية: 81]، يعني لكي تسلموا، نظيرها في سبأ، والأنبياء، { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ } [الأنبياء: 80]، يعني فهل أنتم مخلصون لكي تخلصوا إليه بالتوحيد.
{ فَإِن تَوَلَّوْاْ }، يقول: فإن أعرضوا عن التوحيد، { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } [آية: 82]، يقول: عليك يا محمد صلى الله عليه وسلم أن تبلغ وتبين لهم أن الله عز وجل واحد لا شريك له.
{ يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ ٱللَّهِ } التي ذكرهم في هؤلاء الآيات من قوله عز وجل: { جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً... } إلى أن قال: { ...لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ }، فتعرفون هذه النعم أنها كلها من الله عز وجل، وذلك أن كفار مكة كانوا إذا سئلوا: من أعطاكم هذا الخير؟ قالوا: الله أعطانا، فإن دعوا إلى التوحيد للذي أعطاهم، قالوا: إنما ورثناه عن آبائنا، فذلك قوله عز وجل: { ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ } [آية: 83] بتوحيد رب هذه النعم تعالى ذكره.