قال سبحانه: {وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ}، يعني العهد، {دَخَلاً بَيْنَكُمْ} بالمكر والخديعة، {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا}، يقول: إن ناقض العهد يزل في دينه كما تزل قدم الرجل بعد الاستقامة، {وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوۤءَ}، يعني العقوبة، {بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ}، يعني بما منعتم الناس عن دين الله الإسلام، {وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آية: 94] في الآخرة.
ثم وعظهم، فقال سبحانه: {وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً}، يقول: ولا تبيعوا الوفاء بالعهد فتنقضونه بعرض يسير من الدنيا، {إِنَّمَا عِنْدَ ٱللَّهِ} من الثواب لمن وفى منكم بالعهد، {هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} من العاجل، {إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [آية: 95].
ثم زهدهم في الأموال، فقال سبحانه: {مَا عِندَكُمْ} من الأموال {يَنفَدُ}، يعني يفنى {وَمَا عِندَ ٱللَّهِ} في الآخرة من الثواب، {بَاقٍ}، يعني دائم لا يزول عن أهله، {وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ} على أمر الله عز وجل في وفاء العهد في الآخرة، {أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ}، يعني بأحسن الذى كانوا {يَعْمَلُونَ} [آية: 96] في الدنيا، ويعفو عن سيئاتهم، فلا يجزيهم بها أبداً، نزلت في امرىء القيس بن عباس الكندي، حين حكم عبدان بن أشرع الحضرمي في أرضه وداره على حقه.
ثم قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ}، يعني مصدق بتوحيد الله عز وجل، {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}، يعني حياة حسنة في الدنيا، {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ}، يعني جزاءهم في الآخرة بأحسن {مَا كَانُواْ} بأحسن الذي كانوا {يَعْمَلُونَ} [آية: 97] في الدنيا، ولهم مساوئ لا يجزيهم بها أبداً.
{فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ} في الصلاة، {فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ} [آية: 98]، يعني إبليس الملعون.