{ وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً } بالعذاب في الدنيا، { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا }، يقوله: أكثرنا جبابرتها فبطروا في المعيشة، { فَفَسَقُواْ فِيهَا }، يقول: فعصوا في القرية، { فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ }، يعني فوجب عليهم الذي سبق لهم في علم الله عز وجل: { فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } [آية: 16]، يقول: فأهلكناها بالعذاب هلاكاً.
يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية، فقال سبحانه: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا } بالعذاب في الدنيا، { مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ }، يقول: كفار مكة، { خَبِيرَاً بَصِيراً } [آية: 17]، يقول الله عز وجل: فلا أحد أخبر بذنوب العباد من الله عز وجل، يعني كفار مكة.
{ مَّن كَانَ يُرِيدُ } في الدنيا، { ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا }، يعني في الدنيا، { مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ }، من المال، { ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ }، يقول: ثم نصيره إلى جهنم، { يَصْلاهَا مَذْمُوماً }، عند الله، { مَّدْحُوراً } [آية: 18]، يعني مطروداً في النار، نزلت في ثلاثة نفر من ثقيف، فى: فرقد بن يمامة، وأبي فاطمة بن البحتري، وصفوان، وفلان، وفلان.
{ وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ } من الأبرار بعمله الحسن، وهو مؤمن، يعني بالدار الآخرة، { وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا }، يقول: عمل للآخرة عملها، { وَهُوَ مُؤْمِنٌ }، يعني مصدق بتوحيد الله عز وجل، { فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً } [آية: 19]، فشكر الله عز وجل سعيهم، فجزاهم بعملهم الجنة، نزلت في بلال المؤذن وغيره.
ثم قال سبحانه: { كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ } البر والفاجر، يعني هؤلاء النفر من المسلمين، وهؤلاء النفر من ثقيف، { مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ }، يعني رزق ربك، { وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ }، يعني رزق ربك، { مَحْظُوراً } [آية: 20]، يعني ممسكاً، يعني ممنوعاً.
{ ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ }، يعني الفجار، يعني من كفار ثقيف على بعض في الرزق في الدنيا، يعني الأبرار بلال بن رباح ومن معه، { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ } في الآخرة، يعني أعظم فضائل، { وَأَكْبَرُ }، يعني وأعظم، { تَفْضِيلاً } [آية: 21] من فضائل الدنيا، فلما صار هؤلاء إلى الآخرة، أعطى هؤلاء المؤمنون بلال ومن معه، أعطوا في الآخرة فضلاً كبيراً أكثر مما أعطى الفجار في الدنيا، يعني ثقيفاً.
{ لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ }، يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: لا تضف مع الله إلهاً، وذلك حين دعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملة آبائه، { فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً }، ملوماً تلام عند الناس، { مَّخْذُولاً } [آية: 22] في عذاب الله تعالى.