التفاسير

< >
عرض

أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً
٦٧
فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً
٦٨
ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً
٦٩
ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً
٧٠
وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً
٧١
ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً
٧٢
-مريم

مقاتل بن سليمان

يقول الله عز وجل يعظه ليعتبر: { أَوَلاَ يَذْكُرُ إلإِنْسَانُ }، يقول: أولا يتذكر الإنسان في خلق نفسه، { أَنَّا خَلَقْنَاهُ } أول مرة، يعني أول خلق خلقناه، { مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } [آية: 67].
فأقسم الرب عز وجل ليبعثهم في الآخرة، فقال: { فَوَرَبِّكَ } يا محمد، { لَنَحْشُرَنَّهُمْ }، يعني لنجمعنهم { وَٱلشَّيَاطِينَ } معهم الذين أضلوهم في الآخرة، { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ }، يعني في جهنم، { جِثِيّاً } [آية: 68]، يعني جميعاً على الركب.
{ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ }، يقول: لنخرجن، ثم نبدأ بهم من كل ملة، { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } [آية: 69]، يعني عتوا في الكفر، يعني القادة، فيعذبهم في النار.
{ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } [آية: 70]، يعني من هو أولى بها، يعني القادة في الكفر.
{ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا }، يعني وما منكم أحد إلا داخلها، يعني جهنم، البر والفاجر.
حدثنا عبيد الله، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الهذيل، عن مقاتل، عن علقمة بن مرثد، عن نافع بن الأزرق، أنه سأل ابن عباس عن الورود، فقال: يا نافع، أما أنا وأنت، فندخلها، فانظر هل نخرج منها أم لا؟.
حدثنا عبيد الله، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الهذيل، عن مقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: للورود في القرآن أربعة مواضع، يعني به الدخول:
{ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [مريم: 71]، يعني داخلها.
{ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } [هود: 98]، يعني فأدخلهم.
{ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [الأنبياء: 98]، يعني داخلون. { لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا } [الأنبياء: 99]، يعني ما دخلوها.
حدثنا عبيد الله، قال: حدثني أبي، قال: حدثني الهذيل، عن مقاتل، قال: يجعل الله النار على المؤمنين يومئذ برداً وسلاماً، كما جعلها على إبراهيم، عليه السلام، فذلك قوله عز وجل: { كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } [آية: 71]، قال: قضاء واجباً قد قضاه في اللوح المحفوظ أنه كائن لا بد، غير الأنبياء، عليهم السلام، فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً.
{ ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } الشرك منها، يعني أهل التوحيد، فنخرجهم منها، { وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ }، يعني المشركين، { فِيهَا }، يعني في جهنم، { جِثِيّاً } [آية: 72] على الركب.