{ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ }، وذلك أن عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه سلمة ومهاجراً إلى الإسلام، فقال لهما: ألستما تعلمان أن الله عز وجل قال لموسى: إني باعث نبياً من ذرية إسماعيل يقال له: أحمد، يحيد أمته عن النار، وأنه ملعون من كذب بأحمد النبى، وملعون من لم يتبع دينه؟ فأسلم سلمة، وأبى مهاجر، ورغب عن الإسلام، فأنزل الله عز وجل: { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ }، يعنى الإسلام، ثم استثنى، { إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ }، يعنى إلا من خسر نفسه من أهل الكتاب، { وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ }، يعنى إبراهيم، يعنى اخترناه بالنبوة والرسالة فى الدنيا، { وَإِنَّهُ } { فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } [آية: 130].
{ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ }، يقول: أخلص، { قَالَ أَسْلَمْتُ }، يعنى أخلصت { لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [آية: 131]، { وَوَصَّىٰ بِهَآ }، يعنى بالإخلاص { إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ } الأربعة: إسماعيل، وإسحاق، ومدين، ومداين، ثم وصى بها يعقوب بنيه يوسف وإخواته اثنى عشر ذكراً بنيه، { وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ }، أى فقال يعقوب لبنيه الاثنى عشر: { إِنَّ ٱللَّهَ } عز وجل { ٱصْطَفَىٰ } يعنى اختار { لَكُمُ ٱلدِّينَ }، يعنى دين الإسلام، { فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } [آية: 132]، يعنى مخلصون بالتوحيد، { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ }، وذلك أن اليهود قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم يا محمد، ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه بدين اليهودية، فأنزل الله عز وجل: { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ }، قال الله عز وجل: إن اليهود لم يشهدوا وصية يعقوب لبنيه، { إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ } يوسف وإخوته: { مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي }، أى بعد موتى، { قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ } { إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [آية: 133]، يعني مخلصون له بالتوحيد.
يقول: { تِلْكَ أُمَّةٌ }، يعنى عصبة، { قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ }، من العمل، يعني الدين، يعني إبراهيم وبنيه، ويعقوب وبنيه، ثم قال لليهود: { وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ } من الدين، { وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [آية: 134] أولئك.