وهبط إبليس قبل آدم، { فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ } بعدما هبط إلى الأرض يوم الجمعة، يعنى بالكلمات أن قال: رب، أكان هذا شىء كنت قدرته علىَّ قبل أن تخلقنى، فسبق لى به الكتاب أنى عامله، وسبقت لى منك الرحمة حين خلقتنى؟ قال: نعم يا آدم، قال: يا رب، خلقتنى بيدك، فسويتنى ونفخت من روحك، فعطست فحمدتك، فدعوت لى برحمتك، فسبقت رحمتك إلىَّ غضبك؟ قال: نعم يا آدم، قال: أخرجتنى من الجنة، وأنزلتنى إلى الأرض يا رب، إن تبت وأصلحت ترجعنى إلى الجنة؟ قال الله عز وجل له: نعم يا آدم، فتاب آدم وحواء يوم الجمعة، فعند ذلك قالا: { رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [الأعراف: 23].
{ فَتَابَ } الله عز وجل { عَلَيْهِ } يوم الجمعة، { إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ } [آية: 37] لخلقه، { قُلْنَا ٱهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً }، يعنى من الجنة جميعاً، آدم، وحواء، وإبليس، فأوحى الله إليهم بعدما هبطوا، { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم }، يعنى ذرية آدم، فإن يأتيكم يا ذرية آدم { مِّنِّي هُدًى }، يعنى رسولاً وكتاباً فيه البيان، ثم أخبر بمستقر من اتبع الهدى فى الآخرة، قال سبحانه: { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ }، يعنى رسولى وكتابى، { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [آية: 38] من الموت.