التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ
١٢
ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ
١٣
ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ
١٤
ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ
١٥
ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ
١٦
وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ
١٧
وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ
١٨
فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
١٩
وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ
٢٠
وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
٢١
وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
٢٢
-المؤمنون

مقاتل بن سليمان

قوله عز وجل: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ } يعنى آدم صلى الله عليه وسلم { مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } [آية: 12] والسلالة: إذا عصر الطين انسل الطين والماء من بين أصابعه.
{ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً } يعنى ذرية آدم { فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } [آية: 13] يعنى الرحم: تمكن النطفة فى الرحم { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً } يقول: تحول الماء فصار دماً { فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً } يعنى فتحول الدم فصار لحماً مثل المضغة { فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ } يقول: خلقناه، { خَلْقاً آخَرَ } يعنى الروح ينفخ فيه بعد خلقه،
" فقال عمر بن الخطاب، رضى الله عنه: قبل أن يتم النبى صلى الله عليه وسلم الآية: { تَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ }، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت يا عمر"
{ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } [آية: 14] يقول: هو أحسن المصورين، يعني من الذين خلقوا التماثيل وغيرها التى لا يتحرك منها شىء { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ } الخلق بعد ما ذكر من تمام خلق الإنسان { لَمَيِّتُونَ } [آية: 15] عند آجالكم { ثُمَّ إِنَّكُمْ } بعد الموت { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } [آية: 16] يعنى تحيون بعد الموت.
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ } يعنى سموات غلظ كل سماء مسيرة خمس مائة عام، وبين كل سماء مسيرة خمس مائة عام { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } [آية: 17] يعنى عن خلق السماء وغيره { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ } ما يكفيكم من المعيشة، يعنى العيون { فَأَسْكَنَّاهُ } يعنى فجعلنا { فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ } [آية: 18] فيغور فى الأرض، يعنى فلا يقدر عليه.
{ فَأَنشَأْنَا } يعنى فخلقنا { لَكُمْ بِهِ } بالماء { جَنَّاتٍ } يعنى البساتين { مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } [آية: 19]، ثم قال: { وَ } خلقنا { وَشَجَرَةً } يعنى الزيتون، وهو أول زيتونة خلقت { تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ } يقول: تنبت فى أصل الجبل الذى كلم الله، عز وجل، عليه موسى، عليه السلام، { تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } يعنى تخرج بالذى فيه الدهن، يقول: هذه الشجرة تشرب الماء، وتخرج الزيت، فجعل الله، عز وجل، فى هذه الشجرة أدماً ودهناً { وَ } هى { وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ } [آية: 20] وكل جبل يحمل الثمار، فهو سيناء يعنى الحسن.
{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ } يعنى الإبل والبقر والغنم { لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا } يعنى اللبن { وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ } يعنى فى ظهورها وألبانها وأوبارها وأصوافها وأشعارها { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } [آية: 21] يعنى من النعم، ثم قال: { وَعَلَيْهَا } يعنى الإبل { وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } [آية: 22] على ظهورها فى أسفاركم، ففى هذا الذى ذكر من هؤلاء الآيات عبرة فى توحيد الرب، عز وجل.