التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٤٥
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ
٤٦
فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ
٤٧
فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ
٤٨
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٤٩
وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ
٥٠
يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
٥١
وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ
٥٢
فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
٥٣
فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ
٥٤
-المؤمنون

مقاتل بن سليمان

{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [آية: 45] { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } يعني الأشراف، واسم فرعون قيطوس، بآياتنا: اليد والعصا، وسلطان مبين يعني حجة بينة { فَٱسْتَكْبَرُواْ } يعني فتكبروا عن الإيمان بالله، عز وجل: { وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ } [آية: 46] يعني متكبرين عن توحيد الله.
{ فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا } يعني أنصدق إنسانين مثلنا ليس لهما علينا فضل { وَقَوْمُهُمَا } يعني بنى إسرائيل { لَنَا عَابِدُونَ } [آية: 47]، { فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ } [آية: 48] بالغرق { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ } يعني التوراة { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } [آية: 49] من الضلالة، يعني بنى إسرائيل، لأن التوراة نزلت بعد هلاك فرعون وقومه.
قوله عز وجل: { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ } يعني عيسى وأمه مريم، عليهما السلام، { آيَةً } يعني عبرة لبنى إسرائيل، لأن مريم حملت من غير بشر، وخلق ابنها من غير أب، { وَآوَيْنَاهُمَآ } من الأرض المقدسة { إِلَىٰ رَبْوَةٍ } يعني الغوطة من أرض الشام بدمشق، يعني بالربوة المكان المرتفع من الأرض { ذَاتِ قَرَارٍ } يعني استواء { وَمَعِينٍ } [آية: 50] يعني الماء الجارى.
{ يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ } يعني محمد صلى الله عليه وسلم { كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } الحلال من الرزق { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } [آية: 51] { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } يقول: هذه ملتكم التيأنتم عليها، يعني ملة الإسلام، ملة واحدة، عليها كانت الأنبياء، عليهم السلام، والمؤمنون الذين نجو من العذاب، الذين ذكرهم الله، عز وجل، في هذه السورة، ثم قال سبحانه: { وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } [آية: 52] يعني فاعبدون بالإخلاص.
{ فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } يقول: فارقوا دينهم الذى أمروا به فيما بينهم، ودخلوا في غيره { زُبُراً } يعني قطعاً، كقوله
{ آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ } [الكهف: 96] يعني قطع الحديد، يعني فرقاً فصاروا أحزاباً يهوداً، ونصارى، وصابئين، ومجوساً، واصنافاً شتى كثيرة، ثم قال سبحانه: { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [آية: 53] يقول: كل أهل بما عندهم من الدين راضون به.
ثم ذكر كفار مكة، فقال تعالى للنبى صلى الله عليه وسلم: { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ } [آية: 54] يقول: خل عنهم في غفلتهم إلى أن أقتلهم ببدر.