التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٤٦
وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ
٤٧
وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ
٤٨
وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ
٤٩
أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٥٠
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٥١
وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون
٥٢
وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
٥٣
-النور

مقاتل بن سليمان

{ لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ } لما فيه من أمره ونهيه { وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [آية: 46] يعني إلى دين مستقيم، يعني الإسلام، وغيره من الأديان ليس بمستقيم.
{ وَيِقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ } يعني صدقنا بتوحيد الله، عز وجل: { وَبِٱلرَّسُولِ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم أنه من الله، عز وجل، نزلت في بشر المنافق، { وَأَطَعْنَا } قولهما { ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } يعني ثم يعرض عن طاعتهما طائفة منهم { مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ } يعني من بعد الإيمان بالله، عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم { وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } [آية: 47] يعني عز وجل بشر المنافق.
ثم أخبر عنه، فقال تعالى: { وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } يعني من المنافقين { مُّعْرِضُونَ } [آية: 48] عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى كعب بن الأشرف، وذلك أن رجلاً من اليهود كان بينه وبين بشر خصومة، وأن اليهودى دعا بشراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاه بشر إلى كعب، فقال بشر: إن محمداً يحيف علينا.
يقول الله عز وجل: { وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ } يعني بشر المنافق { يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } [آية: 49] يأتوا إليه طائعين مسارعين إلى النبي صلى الله عليه وسلم { أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } يعني الكفر { أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ } أم شكوا في القرآن { أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } يعني أن يجور الله عز وجل عليهم { وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } [آية: 50]، ثم نعت الصادقين في إيمانهم.
فقال سبحانه: { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } يعني إلى كتابه ورسوله، يعني أمر رسوله صلى الله عليه وسلم { لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا } قول النبي صلى الله عليه وسلم { وَأَطَعْنَا } أمره { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [آية: 51].
{ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } في أمر الحكم { وَيَخْشَ ٱللَّهَ } في ذنوبه التى عملها، ثم قال تعالى: { وَيَتَّقْهِ } ومن يتق الله تعالى، فيما بعد فلم يعصه { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون } [آية: 52]، يعني الناجون من النار، فلما بين الله، عز وجل، كراهية المنافقين لحكم النبي صلى الله عليه وسلم أتوه، فقالوا: والله لو أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا ونسائنا لخرجنا أفنحن لا نرضى بحكمك، فأنزل الله تبارك وتعالى فيما حلفوا للنبي صلى الله عليه وسلم: { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ } يعني حلفوا بالله، يعني المنافقين { جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } فإنه من حلف بالله عز وجل، فقد اجتهد في اليمين، { لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم، { لَيَخْرُجُنَّ } من الديار والأموال كلها { قُل } لهم: { لاَّ تُقْسِمُواْ } لا تحلفوا، ولكن هذه منكم { طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ } يعني طاعة حسنة للنبي صلى الله عليه وسلم { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [آية: 53] من الإيمان والشرك.