التفاسير

< >
عرض

إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ
١٩٠
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
١٩١
وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٩٢
نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ
١٩٣
عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ
١٩٤
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ
١٩٥
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ
١٩٦
أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ
١٩٧
وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ
١٩٨
فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ
١٩٩
كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ
٢٠٠
لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ
٢٠١
فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٢٠٢
فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ
٢٠٣
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ
٢٠٤
أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ
٢٠٥
ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ
٢٠٦
مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ
٢٠٧
-الشعراء

مقاتل بن سليمان

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } إن فى هلاكهم بالحر والغم لعبرة لمن بعدهم، يحذر كفار مكة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال عز وجل: { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } [آية: 190] يعنى لو كان أكثرهم مؤمنين ما عذبوا فى الدنيا { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } فى نقمته من أعدائه { ٱلرَّحِيمُ } [آية: 191] بالمؤمنين.
{ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [آية: 192] وذلك أنه لما قال كفار مكة: إن محمداً صلى الله عليه وسلم يتعلم القرآن من أبى فكيهة، ويجىء به الرى، وهو شيطان، فيلقيه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فأكذبهم الله تعالى، فقال عز وجل: { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } يعنى القرآن { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } [آية: 193] يعنى جبريل، عليه السلام، أمين فيما استودعه الله عز وجل من الرسالة إلى الأنبياء، عليهم السلام، نزله { عَلَىٰ قَلْبِكَ } ليثبت به قلبك يا محمد، { لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } [آية: 194].
أنزله { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } [آية: 195] ليفقهوا ما فيه لقوله، إنما يعلمه أبو فكيهة، وكان أبو فكيهة أعجمياً، ثم قال سبحانه: { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } [آية: 196] يقول: أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونعته فى كتب الأولين.
ثم قال: { أَوَ لَمْ يَكُن } محمد صلى الله عليه وسلم { لَّهُمْ آيَةً } يعنى لكفار مكة { أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [آية: 197] يعنى ابن سلام وأصحابه، { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ } يعنى القرآن { عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ } [آية: 198] يعنى أبا فكيهة، يقول: لو أنزلناه على رجل ليس بعربى اللسان { فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم } على كفار مكة، لقالوا: ما نفقه قوله، و{ مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } [آية: 199] يعنى بالقرآن مصدقين بأنه من الله عز وجل، { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ } يعنى هكذا جعلنا الكفر بالقرآن { فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } [آية: 200].
{ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } يعنى بالقرآن { حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } [آية: 201] يعنى الوجيع، { فَيَأْتِيَهُم } العذاب { بَغْتَةً } يعنى فجأة، { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [آية: 202] فيتمنون الرجعة والنظرة، فذلك قوله سبحانه: { فَيَقُولُواْ } يعنى كفار مكة { هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } [آية: 203] فنعتب ونراجع، فلما أوعدهم النبى صلى الله عليه وسلم العذاب، قالوا: فمتى هذا العذاب؟ تكذيباً به.
يقول الله عز وجل: { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } [آية: 204] { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ } [آية: 205] فى الدنيا { ثُمَّ جَآءَهُم } بعد ذلك العذاب { مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ } [آية: 206] { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ } من العذاب { مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ } [آية: 207] فى الدنيا.