التفاسير

< >
عرض

قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٤٩
فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
٥٠
وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٥١
ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ
٥٢
وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ
٥٣
أُوْلَـٰئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدْرَؤُنَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
٥٤
وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ
٥٥
-القصص

مقاتل بن سليمان

يقول الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } لكفار مكة { فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ } لأهله { مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [آية: 49] بأنهما ساحران تظاهرا { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ } فإن لم يفعلوا: أن يأتوا بمثل التوراة والقرآن { فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ } بغير علم { وَمَنْ أَضَلُّ } يقول: فلا أحد أضل { مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 50] إلى دينه عز وجل.
{ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ } يقول: ولقد بينا لكفار مكة ما في القرآن من الأمم الخالية، كيف عذبوا بتكذيبهم رسلهم، { لَعَلَّهُمْ } يعني لكي { يَتَذَكَّرُونَ } [آية: 51] فيخافون فيؤمنوا.
{ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } يعني أعطيناهم الإنجيل { مِن قَبْلِه } يعني القرآن { هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } [آية: 52] يعني هم بالقرآن مصدقون بأنه من الله عز وجل نزلت في مسلمي أهل الإنجيل، وهم أربعون رجلاً من أهل الإنجيل، أقبلوا من الشام بحيرى، وأبرهة، والأشرف، ودريد، وتمام، وأيمن، وإدريس، ونافع.
فنعتهم الله عز وجل، فقال سبحانه: { وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } آياتنا، يقول: وإذا قرئ عليهم القرآن { قَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ } يعني صدقنا بالقرآن { إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } [آية: 53] يقول: إنا كنا من قبل هذا القرآن مخلصين لله عز وجل بالتوحيد.
يقول الله عز وجل: { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ } أجراً بتمسكهم بالإسلام حين أدركوا محمداً صلى الله عليه وسلم، فآمنوا به، وأجرهم بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم، فلما اتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم شتمهم كفار قومهم في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، فصفحوا عنهم وردوا معروفاً، فأنزل الله عز وجل: { وَيَدْرَؤُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ } ما سمعوا من قومهم من الأذى { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } من الأموال { يُنفِقُونَ } [آية: 54] في طاعة الله عز وجل.
{ وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ } من قومهم، يعني من الشر والشتم والأذى، { أَعْرَضُواْ عَنْهُ } يعني عن اللغو، فلم يردوا عليهم مثل ما قيل لهم، { وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } يعني لنا ديننا ولكم دينكم، وذلك حين عيروهم بترك دينهم، وقالوا لكفار قومهم: { سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } يقول: ردوا عليهم معروفاً { لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ } [آية: 55] يعني لا نريد أن تكون مع أهل الجهل والسفه.