التفاسير

< >
عرض

يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَٱعْبُدُونِ
٥٦
كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
٥٧
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ
٥٨
ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
٥٩
وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦٠
وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ
٦١
ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
٦٢
وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ
٦٣
-العنكبوت

مقاتل بن سليمان

{ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } نزلت فى ضعفاء مسلمى أهل مكة إن كنتم فى ضيق بمكة من إظهار الإيمان، فـ{ إِنَّ أَرْضِي } يعنى أرض الله بالمدينة { وَاسِعَةٌ } من الضيق { فَإِيَّايَ فَٱعْبُدُونِ } [آية: 56] يعنى فوحدونى بالمدنية علانية.
ثم خوفهم الموت ليهاجروا، فقال تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } [آية: 57] فى الآخرة بعد الموت فيجزيكم بأعمالكم.
ثم ذكر المهاجرين، فقال سبحانه: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ } يعنى لننزلنهم { مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } لا يموتون فى الجنة { نِعْمَ أَجْرُ } يعنى جزاء { ٱلْعَامِلِينَ } [آية: 58] لله عز وجل.
ثم نعتهم، فقال عز وجل: { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } على الهجرة { وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [آية: 59] يعنى وبالله يثقون فى هجرتهم، وذلك أن أحدهم كان يقول: بمكة أهاجر إلى المدينة وليس لى بها مال، ولا معيشة.
فوعظهم الله ليعتبروا، فقال: { وَكَأَيِّن } يعنى وكم { مِّن دَآبَّةٍ } فى الأرض أو طير { لاَّ تَحْمِلُ } يعنى لا ترفع { رِزْقَهَا } معها { ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا } حيث توجهت { وَإِيَّاكُمْ } يعنى يرزقكم إن هاجرتم إلى المدينة { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } [آية: 60] لقولهم: إنا لا نجد ما ننفق فى المدينة.
ثم قال عز وجل للنبى صلى الله عليه وسلم { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } يعنى ولئن سألت كفار مكة { مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } وحده خلقهم { فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } [آية: 61] يعنى عز وجل من أين تكذبون يعنى بتوحيدى.
ثم رجع إلى الذين رغبهم فى الهجرة، والذين قالوا: لا نجد ما ننفق، فقال عز وجل: { ٱللَّهُ يَبْسُطُ } يعنى يوسع { ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ } يعنى ويقتر على من يشاء { إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ } [آية: 62] من البسط على من يشاء، والتقتير عليه.
{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } يعنى كفار مكة { مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } يعنى المطر، { فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } يفعل ذلك { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } بإقرارهم بذلك { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [آية: 63] بتوحيد ربهم، وهم مقرون بأن الله عز وجل خلق الأشياء كلها وحده.