التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
١٣٥
أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ
١٣٦
-آل عمران

مقاتل بن سليمان

{ وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً }، وذلك أن رجلاً خرج غازياً، وخلف رجلاً فى أهله وولده، فعرض له الشيطان فى أهله، فهوى المرأة، فكان منه ما ندم، فأتى أبا بكر الصديق، رضى الله عنه، فقال: هلكت، قال: وما هلاكك، قال: ما من شىء يناله الرجل من المرأة، إلا وقد نلته غير الجماع، فقال أبو بكر، رضى الله عنه: ويحك، أما علمت أن الله عز وجل يغار للغازى ما لا يغار للقاعد، ثم لقى عمر، رضى الله عنه، فأخبره، فقال له مثل مقالة أبى بكر، رضى الله عنه، ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال له مثل مقالتهما، فأنزل الله عز وجل فيه: { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً }، يعنى الزنا { أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } ما كان نال منها دون الزنا، { ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ } يقيموا { عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [آية: 135] أنها معصية.
فمن استغفر فـ { أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ } لذنوبهم { مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا }، يعنى مقيمين فى الجنان لا يموتون، { وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } [آية: 136]، يعنى التائبين من الذنوب، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:
"ظلمت نفسك، فاستغفر الله وتب إليه، فاستغفر الرجل، واستغفر له النبى صلى الله عليه وسلم" ، نزلت هذه الآية فى عمر بن قيس، ويكنى أبا مقبل، وذلك حين أقبل إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقد صدمه حائط، وإذا الدم يسيل على وجهه عقوبة لما فعل، فانتهى إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فأذن بلال بالصلاة، صلاة الأولى، فسأل أبو مقبل النبى صلى الله عليه وسلم ما توبته، فلم يجبه، ودخل المسجد وصلى الأولى، ودخل أبو مقبل وصلى معه، فنزل جبريل، عليه السلام، بتوبته، { { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ } يعنى الصلوات الخمس { { يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ } [هود: 114]، يعنى الذنوب التى لم تختم بالنار، وليس عليه حد فى الزنا وما بين الحدين فهو اللمم، والصلوات الخمس تكفر هذه الذنوب،وكان ذنب أبى مقبل من هذه الذنوب، "فلما صلى النبى صلى الله عليه وسلم، قال لأبى مقبل: أما توضأت قبل أن تأتينا؟ قال: بلى، قال: أما شهدت معنا الصلاة؟، قال: بلى، قال: فإن الصلاة قد كفرت ذنبك" ، وقرأ النبى صلى الله عليه وسلم هذه الآية.