التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ
٤٨
وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ
٤٩
فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٥٠
وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ
٥١
فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ
٥٢
وَمَآ أَنتَ بِهَادِ ٱلْعُمْيِ عَن ضَلاَلَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ
٥٣
-الروم

مقاتل بن سليمان

ثم أخبر عن صنعه ليعرف توحيده، فقال عز وجل: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً } يقول: يجعل الريح السحاب قطعاً يحمل بعضها على بعض فيضمه، ثم يبسط السحاب فى السماء كيف يشاء الله تعالى، إن شاء بسطه على مسيرة يوم، أو بعض يوم، أو مسيرة أيام يمطرون، فذلك قوله عز وجل: { فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ } يعنى المطر يخرج { مِنْ خِلاَلِهِ } يعنى من خلال السحاب { فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ } يعنى بالمطر { مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [آية: 48] يعنى إذا هم يفرحون بالمطر عليهم.
{ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ } يعنى من قبل نزول المطر في السنين السبع حين قحط عليهم المطر { لَمُبْلِسِينَ } [آية: 49] يعنى آيسين من المطر، { فَٱنظُرْ } يا محمد { إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَةِ ٱللَّهِ } يعنى النبت من آثار المطر { كَيْفَ يُحْيِيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ } بالمطر فتنبت من بعد موتها حين لم يكن فيها نبت، ثمدل على نفسه، فقال: { إِنَّ ذَلِكَ } يقول: إن هذا الذى فعل ما ترون { لَمُحْييِ ٱلْمَوْتَىٰ } فى الآخرة، فلا تكذبوا بالبعث، يعنى كفار مكة، ثم قال تعالى: { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [آية: 50] من البعث وغيره، ثم وعظهم ليعتبروا، فقال: عز وجل:
{ وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً } على هذا النبت الأخضر { فَرَأَوْهُ } النبت { مُصْفَرّاً } من البرد بعد الخضرة { لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } [آية: 51] برب هذه النعم، ثم عاب كفار مكة، فضرب له مثلاً، فقال عز وجل: { فَإِنَّكَ } يا محمد { لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ } النداء فشبه الكفار بالأموات يقول: فكما لا يسمع الميت النداء، فكذلك الكفار لا يسمعون الإيمان ولا يفقهون، ثم قال: { وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } [أية: 52] فشبهوا أيضاً بالصم إذا ولو مدبرين، يقول: إن الأصم إذا ولى مدبراً، ثم ناديته لا يسمع الدعاء فكذلك الكافر لا يسمع الإيمان إذا دعى.
{ وَمَآ أَنتَ } يعنى النبى صلى الله عليه وسلم { بِهَادِ ٱلْعُمْيِ } للإيمان يقول: عموا عن الإيمان { عَن ضَلاَلَتِهِمْ } يعنى كفرهم الذى هم عليه، ثم أخبر النبى صلى الله عليه وسلم، فمن يسمع الإيمان، فقال سبحانه: { إِن تُسْمِعُ } بالإيمان { إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا } يعنى يصدق بالقرآن أنه جاء من الله عز وجل { فَهُمْ مُّسْلِمُونَ } [آية: 53] يعنى فهم مخلصون بالتوحيد.