التفاسير

< >
عرض

مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً
٣٨
ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً
٣٩
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً
٤٠
-الأحزاب

مقاتل بن سليمان

فأنزل الله تبارك وتعالى فى قولهم: { مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ } يقول: فيما أحل الله له، { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ } يقول: هكذا كانت سنة الله فى الذين خلوا من قبل محمد، يعنى داود النبى صلى الله عليه وسلم حين هوى المرأة التى فتن بها، وهى امرأة أوريا بن حنان، فجمع الله بين داود، وبين المرأة التى هويها، وكذلك جمع الله عز وجل بين محمد صلى الله عليه وسلم، وبين زينب إذ هويها كما فعل بداود عليه السلام، فذلك قوله عز وجل: { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً } [آية: 38] فقد الله عز وجل لداود ومحمد تزويجهما.
{ ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ } يعنى النبى صلى الله عليه وسلم خاصة { وَيَخْشَوْنَهُ } يعنى النبى صلى الله عليه وسلم، يقول: محمد يخشى الله أن يكتم عن الناس ما أظهر الله عليه من أمر زينب إذ هويها { وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ } فى البلاغ عن الله عز وجل { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً } [آية: 39] يعنى شهيداً فى أمر زينب إذ هويها فلا شاهد أفضل من الله عز وجل.
وأنزل الله عز وجل فى قول الناس إن محمداً تزوج امرأة ابنه { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } يعنى زيد بن حارثة، يقول: إن محمداً ليس بأب لزيد { وَلَـٰكِن } محمداً { رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ } يعنى آخر النبيين لا نبى بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ولو أن لمحمد ولداً لكان نبياً رسولاً، فمن ثم قال: { وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } [آية: 40] يقول: لو كان زيد بن محمد لكان نبياً، فلما نزلت { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } قال النبى صلى الله عليه وسلم لزيد:
"لست لك بأب" فقال زيد: يا رسول الله، أنا زيد بن حارثة معروف نسبى.