التفاسير

< >
عرض

ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً
٦
وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً
٧
لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً
٨
-الأحزاب

مقاتل بن سليمان

فأنزل الله تعالى: { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } في الطاعة له { مِنْ أَنْفُسِهِمْ } يعنىمن بعضهم لبعض، فلما نزلت هذه الآية، قال النبى صلى الله عليه وسلم: "من ترك دينا فعلى، ومن ترك كلا، يعنى عيالاً، فأنا أحق به، ومن ترك مالاً للورثة" . ثم قال عز وجل: { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } ولا يحل لمسلم أن يتزوج من نساء النبى صلى الله عليه وسلم شيئاً أبداً، ثم قال عز وجل: { وَأُوْلُو ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } يعنى في المواريث { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يعنى الأنصار، ثم قال: { وَٱلْمُهَاجِرِينَ } الذين هاجروا إليهم بالمدينة، وذلك أن الله تعالى أراد أنت يحرض المؤمنين على الهجرة بالمواريثا، فلما نزلت هذه الآية ورث المهاجرون بعضهم بضعاً على القرابة، فإن كان مسلماً لم يهاجر لم يرثه ابنه ولا أبوه ولا أخوه المهاجر، إذا مات أحدهما ولم يهاجر الآخر.
{ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً } يعنى إلى أقربائكم أن توصوا لهم من الميراث للذين لم يهاجروا من المسلمين، كانوا بمكة أو بغيرها، ثم قال: { كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } [آية: 6] يعنى مكتوباً فى اللوح المحفوظ أن المؤمنين أولى ببعض في الميراث من الكفار، فلما كثر المهاجرون رد الله عز وجل المواريث على أولى الأرحام على كتاب الله فى القسمة إن كان مهاجراً، أو غير مهاجر، فقال في آخر الأنفال:
{ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ } من المسلمين { بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } مهاجر، وغير مهاجر فى الميراث { فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [الأنفال: 75]، فنسخت الآية التى في الأنفال هذه الآية التى فى الأحزاب.
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ } يا محمد { وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } فكان النبي صلى الله عليه وسلم أولهم في الميثاق وآخرهم فى البعث، وذلك أن الله تبارك وتعالى خلق آدم، عليه السلام، وأخرج منه ذريته، فأخذ على ذريته من النبين أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وأن يدعوا الناس إلى عبادة الله عز وجل وأن يصدق بعضهم بعضا، وأن ينصحوا لقومهم، فذلك قوله عز وجل: { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } [آية: 7] الذى أخذ عليهم، فكل نبى بعثه الله عز وجل صدق من كان قبله، ومن كان بعده من الأنبياء، عليهم السلام.
يقول عز وجل: { لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ } يعنى النبين، عليهم السلام، هل بلغوا الرسالة { وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ } بالرسل { عَذَاباً أَلِيماً } [آية: 8] يعنى وجيعاً.