{ قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ } بالتوحيد، و{ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ }، يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، ثم قال: { وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً }، يعني شريكاً، { ذَلِكَ } الذي خلق الأرض في يومين هو { رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [آية: 9]، يعني الناس أجمعين.
ثم قال: { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا }، يعني جعل الجبل من فوق الأرض أوتاداً للأرض؛ لئلا تزول بمن عليها، { وَبَارَكَ فِيهَا }، يعني في الأرض، والبركة الزرع والثمار والنبت وغيره، ثم قال: { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ }، يقول: وقسم في الأرض أرزاق العباد والبهائم، { سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } [آية: 10]، يعني عدلاً لمن يسأل الرزق من السائلين.
{ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ }، قبل ذلك، { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً } عبادتي ومعرفتي، يعني أعطيا الطاعة طيعاً، { أَوْ كَرْهاً }، وذلك أن الله تعالى حين خلقهما عرض عليهما الطاعة بالشهوات واللذات، على الثواب والعقاب، فأبين أن يحملنها من المخافة، فقال لهما الرب: ائتيا المعرفة لربكما والذكر له، على غير ثواب ولا عقاب، طوعاً أو كرهاً، { قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } [آية: 11]، يعني أعطيناه طائعين.
{ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ }، يقول: فخلق السموات السبع، { فِي يَوْمَيْنِ }، الأحد والاثنين، { وَأَوْحَىٰ }، يقول: وأمر { فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا } الذي أراده، قال: { وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا }، يقول لأنها أدنى السموات من الأرض، { بِمَصَابِيحَ }، يعني الكواكب، { وَحِفْظاً } بالكواكب، يعني ما يرمي الشياطين بالشهاب؛ لئلا يستمعوا إلى السماء، يقول: { ذَلِكَ } الذي ذكر من صنعه في هذه الآية، { تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ } في ملكه، { ٱلْعَلِيمِ } [آية: 12] بخلقه.
{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ } عن الإيمان، يعني التوحيد، { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً } في الدنيا، { مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } [آية: 13]، يقول: مثل عذاب عاد وثمود، وإنما خص عاداً وثمود من بين الأمم؛ لأن كفار مكة قد عاينوا هلاكهم باليمن والحجر.
قال مقاتل: كل من يموت من عذاب، أو سقم، أو قتل، فهو مصعوق.
ثم قال: { إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ }، يعني من قبلهم ومن بعدهم، فقالوا لقومهم: { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ }، يقول: وحدوا الله، { قَالُواْ } للرسل: { لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً }، فكانوا إلينا رسلاً، { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ }، يعني بالتوحيد، { كَافِرُونَ } [آية: 14] لا نؤمن به.
{ فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ }، يعني فتكبروا عن الإيمان وعملوا { فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ }، فخوفهم هود العذاب، { وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً }، يعني بطشاً، قال: كان الرجل منهم ينزع الصخرة من الجبل لشدته، وكان طوله اثنا عشر ذراعاً، ويقال: ثمانية عشر ذراعاً، وكانوا باليمن في حضرموت، { أَوَلَمْ يَرَوْاْ }، يقول: أو لم يعلموا { أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً }، يعني بطشاً، { وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا }، يعني بالعذاب، { يَجْحَدُونَ } [آية: 15] أنه لا ينزل بهم، فأرسل الله عليهم الريح فأهلكتهم.