التفاسير

< >
عرض

فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ
١١
لَهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١٢
شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ٱللَّهُ يَجْتَبِيۤ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ
١٣
-الشورى

مقاتل بن سليمان

قوله: { فَاطِرُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ }، يعنى خالق السموات والأرض، { جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً }، يقول: جعل بعضكم من بعض أزواجاً، يعنى الحلائل لتسكنوا إليهن، { وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً }، يعنى ذكوراً وإناثاً، { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ }، يقول: يعيشكم فيه فيما جعل من الذكور والإناث من الأنعام، ثم عظم نفسه، فقال: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } فى القدرة، { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ } لقول كفار مكة، { ٱلْبَصِيرُ } [آية: 11] بما خلق.
{ لَهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَاوَاتِ }، يعنى مفاتيح بلغة النبط، { مَقَالِيدُ ٱلسَّمَاوَاتِ }، المطر، { وَٱلأَرْضِ }، يعنى النبات، { يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ }، يقول: يوسع الرزق على من يشاء من عباده ويقتر على من يشاء، { إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ } من البسط والقتر، { عَلِيمٌ } [آية: 12].
قوله: { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ }، يقول: بين لكم، ويقال: سن لكم آثار الإسلام، والمن هاهنا صلة، كـ { مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ }، فيه تقديم، { وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ }، يعنى التوحيد، { وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ } يقول: عظم على مشركى مكة، { مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ } يا محمد؛ لقولهم:
{ أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } [ص: 5]، يعنى التوحيد،ثم أختص أولياءه فقال: { ٱللَّهُ يَجْتَبِيۤ إِلَيْهِ }، يقول: يستخلص لدينه، { مَن يَشَآءُ وَ } هو { وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ } إلى دينه، { مَن يُنِيبُ } [آية: 13]، يعنى من يراجع التوبة.