التفاسير

< >
عرض

أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ
٥٠
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ
٥١
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٥٢
صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ
٥٣
-الشورى

مقاتل بن سليمان

{ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ }، يقول: وإن يشأ نصفهم، { ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً }، يعنى يولد له مرة بنين وبنات، ذكوراً وإناثاً، فنجعلهم له، { وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً }، لا يولد له، { إِنَّهُ عَلِيمٌ } بخلقه، { قَدِيرٌ } [آية: 50] فى أمر الولد والعقم وغيره.
قوله: { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً }، وذلك أن اليهود قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت صادقاً، كما كلمه موسى ونظر إليه، فإنا لن نؤمن لك حتى يعمل الله ذلك بك، فقال الله لهم: لم أفعل ذلك بموسى، وأنزل الله تعالى: { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ }، يقول: ليس لنبى من الأنبياء أن يكلمه الله { إِلاَّ وَحْياً }، فيسمع الصوت فيفقه، { أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ }، كما كان بينه وبين موسى، { أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ }، يقول: أو يأتيه منى بوحى، يقول: أو يأمره فيوحى، { مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ }، يعنى رفيع فوق خلقه، { حَكِيمٌ } [آية: 51] فى أمره.
فقالوا للنبى: من أول المرسلين؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم:
"أول المرسلين آدم، عليه السلام، فقالوا: كم المرسلين؟ قال: ثلاثمائة وخمسة عشر جماء الغفير" ، ومن الأنبياء من يسمع الصوت فيفقه، ومن الأنبياء من يوحى إليه فى المنام، وإن جبريل ليأتى النبى صلى الله عليه وسلم كما يأتى الرجل صاحبه فى ثباب البياض مكفوفة بالدر والياقوت، ورخلاه مغموستان فى الخضرة.
قوله تعالى: { وَكَذَلِكَ }، يعنى وهكذا، { أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا }، يعنى الوحى بأمرنا، كما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك حين ذكر الأنبياء من قبله، فقال: { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً }، إلى آخر الآية.
قوله: { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ } يا محمد قبل الوحى، ما الكتاب، { وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ }، يعنى القرآن، { نُوراً }، يعنى ضياء من العمى، { نَّهْدِي بِهِ }، يعنى بالقرآن من الضلالة إلى الهدى، { مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [آية: 52]، يعنى إنك لتدعوا إلى دين مستقيم، يعنى الإسلام.
{ صِرَاطِ ٱللَّهِ }، يقول: دين الله، { ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ }، خلقه وعبيده، وفى قبضته، { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } [آية: 53]، يعنى أمور الخلائق فى الآخرة تصير إليه، فيجزيهم بأعمالهم، والله غفور لذنوب العباد، رحيم بهم.
قال مقاتل: سيد الملائكة إسرافيل، وهو صاحب الصور، وسيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، وسيد الشهداء هابيل بن آدم، وسيد المؤذنين بلال بن رباح، وسيد الشهور شهر رمضان، وسيد الأيام يوم الجمعة، وسيد السباع الأسد، وسيد الطير النسر، وسيد الأنعام الثور، وسيد الوحش الأيل، وسيد البلاد مكة، وسيد البقاع بكة، وسيد البيوت الكعبة، وسيد البحور بحر موسى، وسيد الجبال طور سيناء، وسيد المجالس ما استقبل به القبلة، وسيد الصلاة صلاة المغرب.