{ قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ } من الدين، ألا تتبعوني؟ فردوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فـ { قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } [آية: 24]، يعني بالتوحيد كافرون.
ثم رجع إلى الأمم الخالية، فيها تقديم، ثم قال: { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } بالعذاب، { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } [آية: 25] بالعذاب، يخوف كفار مكة بعذاب الأمم الخالية؛ لئلا يكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم.
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ } آزر، { وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ } [آية: 26].
ثم استثنى الرب نفسه؛ لأنهم يعلمون أن الله ربهم، فقال: { إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي }، يقول: خلقني، فإني لا أتبرأ منه، { فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } [آية: 27] لدينه.
قوله تعالى: { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً }، لا تزال ببقاء التوحيد، { فِي عَقِبِهِ }، يعني ذريته، يعني ذرية إبراهيم، { لَعَلَّهُمْ }، يعني لكي { يَرْجِعُونَ } [آية: 28] من الكفر إلى الإيمان، يقول: التوحيد إلى يوم القيامة، يبقى في ذرية إبراهيم، عليه السلام، { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }، يقول: لكي يرجعوا من الكفر إلى الإيمان.
قوله: { بَلْ مَتَّعْتُ هَـٰؤُلاَءِ }، يعني كفار مكة، { وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ }، يعني القرآن، { وَرَسُولٌ مُّبِينٌ } [آية: 29]، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم بين أمره.
{ وَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ }، يعني القرآن، { قَالُواْ هَـٰذَا } القرآن { سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ } [آية: 30] لا نؤمن به، نزلت في سفيان بن حرب، وأبي جهل بن هشام، وعتبة وشيبة، ثم قال الوليد بن المغيرة: لو كان هذا القرآن حقاً، لأنزل عليَّ، أو على أبى مسعود الثقفي، واسمه عمرو بن عمير بن عوف جد المختار.
فأنزل الله تعالى في قول الوليد بن المغيرة: { وَقَالُواْ لَوْلاَ }، يعني هلا، { نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [آية: 31] القريتان مكة والطائف، وكان عظمه أن الوليد عظيم أهل مكة في الشرف، وأبا مسعود عظيم أهل الطائف في الشرف.