يقول الله تعالى: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ }، يقول: أبأيديهم مفاتيح الرسالة فيضعونها حيث شاءوا، ولكنها بيدى أختار من أشاء من عبادي للرسالة، ثم قال: { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا }، يقول: لم نعط الوليد وأبا مسعود الذي أعطيناهما من الغنى لكرامتها على الله، ولكنه قسم من الله بينهم، ثم قال: { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ }، يعني فضائل في الغنى، { لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم }، يعني الأحرار، { بَعْضاً }، يعني الخدم، { سُخْرِيّاً }، يعني العبيد والخدم سخره الله لهم، { وَرَحْمَةُ رَبِّكَ }، يعني الجنة، { خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [آية: 32]، يعني الأموال، يعني الكفار.
ثم ذكرهم هوان الدنيا عليه، فقال: { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا }، يعني ملة واحدة، يعني على الكفر، يقول: لولا أن ترغب الناس في الكفر، وإذا رأوا الكفار في سعة من الخير والرزق، { لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ }، لهوان الدنيا عليه، { لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ }، يعني بالسقف سماء البيت، { وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } [آية: 33]، يقول: درجاً على ظهور بيوتهم يرتقون.
{ وَ } لجعلنا { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً } من فضة، { وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ } [آية: 34]، يعني ينامون.
{ وَزُخْرُفاً }، يقول: وجعلنا كل شيء لهم من ذهب، { وَإِن كُلُّ ذَلِكَ }، يقول: وما كل الذي ذكر، { لَمَّا } إلا { مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } يتمتعون فيها قليلاً، { وَٱلآخِرَةُ }، يعني دار الجنة، { عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } [آية: 35] خاصة لهم.
قوله: { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ }، يقول: ومن يعم بصره عن ذكر { ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [آية: 36] في الدنيا، يقول: صاحب يزين لهم الغي.
{ وَإِنَّهُمْ }، وإن الشياطين، { لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ }، يعني سبيل الهدى، { وَيَحْسَبُونَ }، ويحسب بنو آدم، { أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } [آية: 37] يعني على هدى.
{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا } ابن آدم وقرينه في الآخرة جعلا في سلسلة واحدة، { قَالَ } ابن آدم لقرينه، يعني شيطانه: { يٰلَيْتَ }، يتمنى، { بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ }، يعني ما بين مشرق الصيف إلى مشرق الشتاء، أطول يوم في السنة، وأقصر يوم في السنة، { فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } [آية: 38]، يقول: فبئس الصاحب معه في النار في سلسلة واحدة.