التفاسير

< >
عرض

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ
٢٤
إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ
٢٥
فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ
٢٦
فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ
٢٧
فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ
٢٨
فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ
٢٩
قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ
٣٠
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ
٣١
قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ
٣٢
لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ
٣٣
مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ
٣٤
فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٣٥
فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٣٦
وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ
٣٧
-الذاريات

مقاتل بن سليمان

{ هَلْ أَتَاكَ } يعني قد أتاك يا محمد { حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } [آية: 24] يعني جبريل وميكائيل، ووملك آخر أكرمهم إبراهيم، وأحسن القيام، ورأى هيئتهم حسنة، وكان لا يقوم على رأس ضيف قبل هؤلاء، فقام هو وأمرأته سارة لخدمتهم، فسلمت الملائكة على إبراهيم { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً } فرد عليهم إبراهيم فـ { ِقَالَ سَلاَمٌ } ثم قال: { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } [آية: 25] يقول: أنكرهم إبراهيم، صلىالله عليه، وظن أنهم من الإنس { فَرَاغَ } يعني فمال { إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ } إليهم { بِعِجْلٍ سَمِينٍ } [آية: 26] { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ } وهو مشوي و{ قَالَ } إبراهيم { أَلاَ تَأْكُلُونَ } [آية: 27] فقالوا: يا إبراهيم، لا نأكل إلا بالثمن، قال إبراهيم: كانوا وأعطوا الثمن، فقالوا: وما ثمنه؟ قال: إذا أكلتم فقولوا بسم الله، وإذا فرغتم، فقولوا: الحمد لله، فعجبت الملائكة لقوله فلما رأى إبراهيم عليه السلام، أيدي الملائكة لا تصل إلى العجل.
{ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } فخاف وأخذته الرعدة وضحكت امرأته سارة، وهي قائمة من رعدة إبراهيم، وقالت في نفسها: إبراهيم معه أهله، وولده، وخدمه وهؤلاء ثلاثة نفر، فقال جبريل، صلى الله عليه، لسارة: أيتها الصالحة، إنك ستلدين غلاماً، فذلك قوله: { قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ } يعني إسحاق { عَلَيمٍ } [آية: 28] يعني حليم { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ } سارة { فِي صَرَّةٍ } يعني في صيحة،وقالت أوه يا عجباه { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا } فضربت بيدها جبينها، أو خدها تعجباً { وَقَالَتْ عَجُوزٌ } من اكلبر { عَقِيمٌ } [آية: 29] من الولد { قَالُواْ } قال جبريل، صلى الله عليه: { كَذَلِكِ } يعني هكذا { قَالَ رَبُّكِ } ستلدين غلاماً { إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ } حكم أمر الولد في بطن سارة { ٱلْعَلِيمُ } [آية: 30] يخلقه، فلما رأى إبراهيم، عليه السلام، أنهم الملائكة { قَالَ } لهم { فَمَا خَطْبُكُمْ } يعني ما أمركم { أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } [آية: 31] { قَالُوۤاْ } قال جبريل، صلى الله عليه وسلم: { إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } [آية: 32] يعني كفاراً ظلمة يعنون قوم لوطٍْ { لِنُرْسِلَ } يعني لكي نرسل { عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ } [آية: 33] خلطة الحجارة، الطين ملزق بالحجر.
{ مُّسَوَّمَةً } يعني معلمة { عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } [آية: 34] يعني المشركين والشرك أسرف الذنوب وأعظمها { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا } يعني في قرية لوط { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [آية: 35] يعني المصدقين بتوحيد الله تعالى { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [آية: 36] يعني مخلصين فهو لوط وابنتيه ريثا الكبرى زعونا للصغرى { وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً } عبرة لمن بعدهم { لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } [آية: 37] يعني الوجيع.