فقال: { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ } يعني كل ذنب يختم بالنار { وَٱلْفَوَاحِشَ } يعني كل ذنب فيه حد { لاَّ ٱللَّمَمَ } يعني ما بين الحدين.
"نزلت في نبهان التمار، وذلك أنه كان له حانوت يبيع فيه التمر، فأتته امرأة تريد تمراً، فقال لها: ادخلى الحانوت، فإن فيه تمراً جيداً، فلما دخلت رادوها عن نفسها، فأبت عليه، فلما رأت الشر خرجت فوثب إليها، فضرب عجزها بيده، فقالت: والله، ما نلت مني حاجتك، ولا حفظت غيبة أخيك المسلم.
فذهبت المرأة وندم الرجل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بصنيعه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ويحك يا نبهان، فلعل زوحها غاز في سبيل الله، فقال: الله ورسوله أعلم، فقال: أما علمت أن الله يغار للغازي ما لا يغار للمقيم، فلقي أبا بكر، رضي الله عنه، فأعلمه، فقال: ويحك فلعل زوجها غاز في سبيل الله، فقال: الله أعلم، ثم رجع فلقي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فأخبره، فقال: ويحك لعل زوجها غاز في سبيل الله، قال: الله أعلم، فصرعه عمر فوطئه، ثم انطلق به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إخواننا غزاة في سبيل الله تكسر الرماح في صدورهم يخلف هذا ونحوه أهليهم بسوء، فاضرب عنقه، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أرسله يا عمر" ، فنزلت فيه: { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ إِلاَّ ٱللَّمَمَ } يعني ضربه عجزيتها بيده { إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ } لمن تاب.
ثم قال: { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ } من غيره { إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ } يعني خلقكم من تراب { وَ } هو أعلم بكم { وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ } يعني جنين الذي يوكن في بطن أمه { فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ } قال: وقال ناس من المسلمين: صلينا وفعلنا فزكوا أنفسهم، فقال الله تعالى: { فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } [آية: 32].