التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
١٦
-الحديد

مقاتل بن سليمان

قوله: { أَلَمْ يَأْنِ } نزلت في المنافقين بعد الهجرة بستة أشهر، وذلك أنهم سألوا سلمان الفارسي ذات يوم، فقالوا: حدثنا عما في التوراة، فإن فيها العجائب، فنزلت: { الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ } [يوسف: 1-3]. يخبرهم أن القرآن أحسن من غيره، يعني أنفع لهم فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله، ثم عادوا فسألوا سلمان، فقالوا: حدثنا عن التوراة فإن فيها العجائب، فنزلت: { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } يعني القرآن { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } [الزمر: 23]، فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله.
ثم عادوا أيضاً فسألوا: فقالوا: حدثنا عما في التوراة، فإن فيها العجائب، فأنزل الله تعالى: { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ } يعني المنافقين يقول: ألم ينل، ويقال: لم يحن، للذين أقروا باللسان وأقروا أن تخشع قلوبهم لذكر الله، يقول: أن ترق قلوبهم لذكر الله عز وجل، وهو القرآن يعني إذا ذكر الله { وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ } يعني القرآن، يعني وعظهم، فقال: { وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } في القساوة { مِن قَبْلُ } من قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم { فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ } يعني طول الأجل، وخروج النبي صلى الله عليه وسلم كان المنافقون لا ترق قلوبهم لذكر الله { فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ } فلن تلن { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } [آية: 16].