قوله: { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ } من أموالهم { وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ } نزلت في أبي الدحداح الأنصاري، وذلك "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالصدقة ورغبهم في ثوابها، فقال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله، فإني قد جعلت حديقتي صدقة لله ولرسوله، ثم جاء إلى الحديقة، وأم الدحداح في الحديقة، فقال: يا أم الدحداح، إنى قد جعلت حديقتي صدقة لله ولرسوله، فخذي بيد صبيتاه فأخرجيهم من الحائط، فلما أصابهم حر الشمس بكوا، فقالت أمهم: لا تبكوا فإن أباكم قد باع حائطه من ربه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم من نخلة مذلا عذوقها قد رأيتها لأبي الدحداح في الجنة" ، فنزلت فيه: { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } يعني محتسباً طيبة بها نفسه { يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } [آية: 18] يعني جزاء حسناً في الجنة.
فقال الفقراء: ليس لنا أموال نجاهد بها، أو نتصدق بها، فأنزل الله تعالى: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } يعني صدقوا { بِٱللَّهِ } بتوحيد الله تعالى { وَرُسُلِهِ } كلهم { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ } بالله وبالرسل ولم يشكوا فيهم ساعة، ثم أستأنف، فقال: { وَٱلشُّهَدَآءُ } يعني من استشهد منهم { عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ } يعني جزاؤهم وفضلهم { وَنُورُهُمْ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ } يعني بالقرآن { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } [آية: 19] يعني ما عظم من النار.