التفاسير

< >
عرض

يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً
١
فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً
٢
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
٣
-الطلاق

مقاتل بن سليمان

{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } نزلت في عبدالله بن عمر بن الخطاب، وعتبة بن عمرو المازني، وطفيل ابن الحارث، وعمرو بن سعيد بن العاص { يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } يعني طاهراً من غير جماع { وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ } فلا تعصوه فيما أمركم به { لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ } من قبل أنفسهن ما دمن في العدة وعليهن الرجعة { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } يعني العصيان البين وهو النشوز { وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } يعني سنة الله وأمره أن تطلق المرأة للعدة طاهرة من غير حيض ولا جماع { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ } يعني سنة الله وأمره فيطلق لغير العدة { فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } [آية: 1] يعني بعد التطليقة والتطليقتين أمراً يعني الرجعة { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } يعني به انقضاء العدة قبل أن تغتسل { فَأَمْسِكُوهُنَّ } إذا راجعتموهن { بِمَعْرُوفٍ } يعني طاعة الله { أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } يعني طاعة الله في غير إضرار فهذا هو الإحسان { وَأَشْهِدُواْ } على الطلاق والمراجعة { ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ } ثم قال للشهود { وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ } على وجهها { ذَلِكُمْ } الذي ذكر الله تعالى من الطلاق والمراجعة { يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } يعني يصدق بالله أنه واحد لا شريك له، وبالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، فليفعل ما أمره الله.
ثم قال: { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } [آية: 2]
"نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، جاء إلى النبي صلى الله عليه سلم فشكا إليه الحاجة والفاقة، فأمره النبي صلى الله عليه سلم بالصبر، وكان ابن له أسير، في أيدى مشركى العرب فهرب منهم فأصاب منهم إبلاً ومتاعاً، ثم إنه رجع إلى أبيه، فانطلق أبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بالخبر، وسأله: أيحل له أن يأكل من الذي أتاه ابنه؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: نعم" ، فأنزل الله تعالى: { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } فيصبر { يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } من الشدة { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } يعني من حيث لا يأمل، ولا يرجو فرزقه الله تعالى من حيث لا يأمل ولا يرجوا. ثم قال: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } في الرزق فيثق به { فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ } فيما نزل به من الشدة والبلاء { قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ } من الشدة والرخاء { قَدْراً } [آية: 3] يعني متى يكون هذا الغني فقيراً؟ ومتى يكون هذا الفقير غنياً؟ فقدر الله ذلك لكه، لا يقدم ولا يؤخر. فقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت: { وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ } [البقرة: 228]، فما عدة المرأة التي لا تحيض؟ وقال خلاد الأنصاري: ما عدة منلم تحض من صغر؟ وما عدة الحبلى؟