التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
١٩٠
أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ
١٩١
وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلآ أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ
١٩٢
وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَٰمِتُونَ
١٩٣
إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَٱدْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
١٩٤
أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ
١٩٥
إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ
١٩٦
وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاۤ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ
١٩٧
-الأعراف

مقاتل بن سليمان

فجاءها إبليس، وهى لا تعرفه، فقال: لم لا تسميه بي كما وعدتني، قالت: عبد الحرث فكذبها، فسمته عبد الحارث، فرضي به آدم، فمات الولد، فذلك قوله: { فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً }، يعني أعطاهما الولد صالح الخلق، { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ }، يعني إبليس شريكاً في الاسم، سمته عبد الحارث، فكان الشرك في الطاعة من غير عبادة، ولم يكن شركاً في عبادة ربهم، ثم انقطع الكلام، فذكر كفار، فرجع إلى أول الآية، فقال الله: { فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [آية: 190]، يقول: ارتفع عظمة الله عما يشرك مشركو مكة.
ثم قال: { أَيُشْرِكُونَ } الآلهة مع الله، يعنى: اللات، والعزى، ومناة، والآلهة، { مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً } ذباباً ولا غيره، { وَهُمْ يُخْلَقُونَ } [آية: 191]، يعني الآلهة، يعني يصنعونها بأيديهم وينحتونها، فهى لا تخلق شيئاً.
ثم قال: { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً }، يقول: لا تقدر الآلهة منع السوء إذا نزل بمن يعبدها من كفار مكة، { وَلاَ أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } [آية: 192]، يقول: ولا تمنع الآلهة من أراد بها سوءاً، فكيف تعبدون من هذه منزلته وتتركون عبادة ربكم؟
ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: { وَإِن تَدْعُوهُمْ }، يعني كفار مكة، { إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَتَّبِعُوكُمْ }، يعني النبي صلى الله عليه وسلم وحده، { سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ } إلى الهدى، { أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ } [آية: 193]، يعني ساكتون، يعني النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم لا يتبعوكم.
ثم أخبر عن الآلهة، فقال: قل لكفار مكة: { إنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ }، يعني تعبدون { مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الآلهة، إنهم { عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ }، وليسوا بآلهة، { فَٱدْعُوهُمْ }، يعني فاسألوهم، { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } بأنهم آلهة، { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [آية: 194] بأنها آلهة.
ثم أخبر عن الآلهة، فقال { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا }، ثم قال لكفار مكة: { قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ }، يعني الآلهة، { ثُمَّ كِيدُونِ } أنتم الآلهة جميعاً بشر، { فَلاَ تُنظِرُونِ } [آية: 195].
{ إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ }، يعني القرآن، { وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ } [آية: 196].
ثم قال لكفار مكة: { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ }، يعني يعبدون { مِن دُونِهِ } من الآلهة، { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ }، يقدر الآلهة منع السوء إذا نزل بكم، { وَلاۤ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } [آية: 197]، يقول: ولا تمنع الآلهة من أرادها بسوء.