التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ
٣٦
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَابِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ
٣٧
قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ
٣٨
وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ
٣٩
-الأعراف

مقاتل بن سليمان

{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا }، يعني بالقرآن أنه ليس من الله، { وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ }، وتكبروا عن الإيمان بآيات القرآن، { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [آية: 36].
{ فَمَنْ أَظْلَمُ }، يعني فلا أحد أظلم، { مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } بأن معه شريكاً وأنه أمر بتحريم الحرث، والأنعام، والألبان، والثياب، { أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ }، يعني بآيات القرآن، { أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم }، يعني حظهم، { مِّنَ ٱلْكِتَابِ }، وذلك أن الله قال في الكتب كلها: إنه من افترى على الله كذباً، فإنه يسود وجهه، فهذا ينالهم في الآخرة، نظيرها في الزمر:
{ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } [الزمر: 60]، وقال: { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ }، يعني ملك الموت وحده، ثم قالت لهم خزنة جهنم قبل دخول النار في الآخرة: { قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ }، يعني تعبدون، { مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الآهلة، هل يمنعونكم من النار، { قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا }، يعني ضلت الآلهة عنا، يقول الله: { وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ } [آية: 37]، وذلك حين قالوا: { { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23]، فشهدت عليهم الجوارح بما كتمت الألسن من الشرك والكفر، نظيرها في الأنعام.
{ قَالَ }، أى قالت الخزنة: { ٱدْخُلُواْ } النار { فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ } النار { لَّعَنَتْ أُخْتَهَا }، لعنت أهل ملتهم يلعن المشركون المشركين، ويلعن اليهود اليهود، ويلعن النصارى النصارى، ويلعن المجوس المجوس، ويلعن الصابئون الصابئين، ويلعن الأتباع القادة، يقولون: لعنكم الله أنتم ألقيتمونا في هذا الملقى حين أطعناكم، يقولون: { حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا }، يعني حتى إذا اجتمعوا في النار { جَمِيعاً } القادة، والأتباع، وقد دخلت القادة والأتباع، { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ } دخولاً النار، وهم الأتباع { لأُولاَهُمْ } دخولاً النار، وهم القادة، { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ } القادة { أَضَلُّونَا } عن الهدى، { فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً }، يعني أعطهم عذاباً مضاعفاً { مِّنَ ٱلنَّارِ } { قَالَ } يقول الله: { لِكُلٍّ }، يعني الأتباع والقادة، { ضِعْفٌ } يضاعف العذاب، { وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } [آية: 38].
{ وَقَالَتْ أُولاَهُمْ } دخولاً النار، وهم القادة، { لأُخْرَاهُمْ } دخولاً النار وهم الأتباع، { فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } في شىء، فقد ضللتم كما ضللنا، { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } [آية: 39]، يعني تقولون من الشرك والتكذيب.