التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً
٥
فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً
٦
وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً
٧
ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً
٨
ثُمَّ إِنِّيۤ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً
٩
فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً
١٠
يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً
١١
وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً
١٢
مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً
١٣
وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً
١٤
-نوح

مقاتل بن سليمان

{ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً } [آية: 5] ليسمعوا { فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً } [آية: 6] يعني تباعداً من الإيمان { وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ } إلى الإيمان، يعني إلى الاستغفار { لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ } لئلا يسمعوا دعائي { وَأَصَرُّواْ } وأقاموا على الكذب { وَٱسْتَكْبَرُواْ } يعني وتكبروا عن الإيمان { ٱسْتِكْبَاراً } [آية: 7] يعني وتكبراً { ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً } [آية: 8] يعني مجاهرة وعلانية { ثُمَّ إِنِّيۤ أَعْلَنْتُ لَهُمْ } يعني صحت إليهم علانية { وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ } في بيوتهم { إِسْرَاراً } [آية: 9].
{ فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } من الشرك { إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } [آية: 10] للذنوب { يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً } [آية: 11] يعني المطر عليكم يجىء به متتابعاً { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ } وذلك أن قوم نوح كذبوا نوحاً زمانا طويلا، ثم حبس الله عليهم المطر وعقم أرحام نسائهم أربعين سنة، فهلكت جناتهم ومواشيهم، فصاحوا إلى نوح فقال لهم: { ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } من الشرك { إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } للذنوب، كان ولم يزل غفاراً للذنوب { يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ } يعني المطر يجىء به { مِّدْرَاراً } يعني متتابعاً { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ } يعني البساتين { وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } [آية: 12] فدعاهم نوح إلى توحيد الله تعالى، قال: إنكم إذا وحدتم تصيبون الدنيا والآخرة جميعاً، ثم قال: { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } [آية: 13] يقول: ما لكم لا تخشون لله عظمة، وقال ما لكم لا تخافون يعني تفرقون لله عظمة في التوحيد، فتوحدونه فإن لم توحدوه لم تعظموه.
ثم قال: { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } [آية: 14] يعني من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ثم لحماً، ثم عظماً، وهي الأطوار.