{ إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ }، وذلك أن المؤمنين ساروا من المدينة إلى مكة قبل أن يفتح الله على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنا نخاف أن يقاتلنا كفار مكة في الشهر الحرام، فأنزل الله عز وجل: { إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ }{ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ }، يعني اللوح المحفوظ، { يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَات وَٱلأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ }، المحرم، ورجب، وذو القعدة، وذو الحجة، { ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ }، يعني الحساب، { فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ }، يعني في الأشهر الحرام، يعني بالظلم ألا تقتلوا فيهن أحداً من مشركي العرب، إلا أن يبدءوا بالقتل، { ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ }، يعني بالدين الحساب المستقيم، ثم قال: { وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ }، يعني كفار مكة، { كَآفَّةً }، يعني جميعاً، { كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً }، يقول: إن قاتلوكم في الشهر الحرام، فاقتلوهم جميعاً { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ } في النصر { مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } [آية: 36] الشرك.
{ إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ }، يعني به في المحرم زيادة { فِي ٱلْكُفْرِ }، وذلك أن أبا ثمامة الكناني، اسمه جبارة بن عوف بن أمية بن فقيم بن الحارث، وهو أول من ذبح لغير الله الصفرة في رجب، كان يقف بالموسم، ثم ينادى: إن آلهتكم قد حرمت صفر العام، فيحرمون فيه الدماء والأموال، ويستحلون ذلك في المحرم، فإذا كان من قابل نادى: إن آلهتكم قد حرمت المحرم العام، فيحرمون فيه الدماء والأموال، فيأخذ به هوازن وغطفان، وسليم، وثقيف، وكنانة، فذلك قوله: { إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ }، يعني ترك المحرم { زِيَادةٌ في ٱلْكُفْرِ }{ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً }، يقول: يستحلون المحرم عاماً، فيصيبون فيه الدماء والأموال، ويحرمونه عاماً، فلا يصيبون فيه الدماء والأموال، ولا يستحلونها فيه، { لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } فيه من الدماء والأموال، { زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } [آية: 37].