ثم ذكر مشركي مكة الذين لا عهد لهم، فقال: { وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ }، يعني يوم النحر، وإنما سمي الحج الأكبر؛ لأن العمرة هى الحج الأصغر، وقال: { أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } من العهد، { فَإِن تُبْتُمْ } يا معشر المشركين من الشرك، { فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } من الشرك، { وَإِن تَوَلَّيْتُمْ }، يقول: إن أبيتم التوبة فلم تتوبوا، { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ }، خوفهم كما خوف أهل العهد أنكم أيضاً غير سابقي الله بأعمالكم الخبيثة حتى يجزيكم، بها، ثم قال: { وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بتوحيد الله { بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [آية: 3]، يعنى وجيع.
ثم جعل من لا عهد له أجله خمسين يوماً من النحر إلى انسلاخ المحرم، ثم رجع إلى خزاعة، وبني مدلج، وبنى خزيمة، في التقديم، فاستثنى، فقال: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }، فلم يبين الله ورسوله من عهدهم فى الأشهر الأربعة، { ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً }، فى الأشهر الأربعة، { وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً }، يعنى ولم يعينوا على قتالكم أحداً من المشركين، يقول الله: إن لم يفعلوا ذلك، { فَأَتِمُّوۤاْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ }، يعنى الأشهر الأربعة، { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ } [آية: 4] الذين يتقون نقض العهد.
ثم ذكر من لم يكن له عهد غير خمسين يوماً، فقال: { فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ }، يعني عشرين من ذي الحجة وثلاثين يوماً من المحرم، { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ }، يعني هؤلاء الذين لا عهد لهم إلا خمسين يوماً أين أدركتموهم فى الحل والحرم، { وَخُذُوهُمْ }، يعني وأسروهم، { وَٱحْصُرُوهُمْ }، يعني والتمسوهم، { وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ }، يقول: وأرصدوهم بكل طريق وهم كفار، { فَإِن تَابُواْ } من الشرك، { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ }، يقول: فاتركوا طريقهم، فلا تظلموهم، { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } للذنوب ما كان فى الشرك، { رَّحِيمٌ } [آية: 5] بهم فى الإسلام.