{ إِن يَثْقَفُوكُمْ } إن يغلب عليكم أهل مكة { يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً } يتبين لكم أنهم أعداء لكم في القتل { وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ } يمدوا إليكم { أَيْدِيَهُمْ } بالضرب { وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ } بالشتم والطعن { وَوَدُّواْ } تمنوا كفار مكة { لَوْ تَكْفُرُونَ } أن تكفروا بالله بعد إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن وهجرتكم إلى رسول الله { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ } بمكة إن كفرتم بالله { وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } من عذاب الله { يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } يفرق بينكم وبين المؤمنين يوم القيامة ويقال يقضي بينكم على هذا { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ } من الخير والشر { بَصِيرٌ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ } قد كانت لك يا حاطب { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } اقتداء صالح { فِيۤ إِبْرَاهِيمَ } في قول إبراهيم { وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } وفي قول الذين معه من المؤمنين { إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ } لقرابتهم الكفار { إِنَّا بُرَءَآؤُاْ مِّنْكُمْ } من قرابتكم ودينكم { وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأوثان { كَفَرْنَا بِكُمْ } تبرأنا منكم ومن دينكم { وَبَدَا } ظهر { بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ } بالقتل والضرب { وَٱلْبَغْضَآءُ } في القلب { أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ } حتى تقروا بوحدانية الله { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ } غير قول إبراهيم { لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } لأنه كان عن موعدة وعدها إياه فلما مات على الكفر تبرأ منه فقال له { وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ } من عذاب الله { مِن شَيْءٍ } ثم علمهم كيف يقولون فقال قولوا { رَّبَّنَا } يا ربنا { عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا } وثقنا { وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا } أقبلنا إلى طاعتك { وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } المرجع في الآخرة { رَبَّنَا } قولوا يا ربنا { لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً } بلية { لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } كفار مكة يقولون لا تسلطهم علينا فيظنوا أنهم على الحق ونحن على الباطل فتزيدهم بذلك جراءة علينا { وَٱغْفِرْ لَنَا } ذنوبنا { رَبَّنَآ } يا ربنا { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ } بالنقمة لمن لا يؤمن بك { ٱلْحَكِيمُ } بالنصرة لمن آمن بك { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ } لقد كان لك يا حاطب { فِيهِمْ } في قول إبراهيم وفي قول الذين معه من المؤمنين { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } اقتداء صالح { لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ } يخاف الله { وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } بالبعث بعد الموت فهلا قلت يا حاطب مثلما قال إبراهيم ومن آمن به { وَمَن يَتَوَلَّ } يعرض عما أمره الله { فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } عنه وعن خلقه { ٱلْحَمِيدُ } لمن وحده ويقال الحميد يشكر اليسير من أعمالهم ويجزي الجزيل من ثوابه { عَسَى ٱللَّهُ } عسى من الله واجب { أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم } خالفتم في الدين { مِّنْهُم } من أهل مكة { مَّوَدَّةً } صلة وتزويجاً فتزوج النبي صلى الله عليه وسلم عام فتح مكة أم حبيبة بنت أبي سفيان فهذا كان صلة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَٱللَّهُ قَدِيرٌ } بظهور نبيه على كفار قريش { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } متجاوز لمن تاب منهم من الكفر وآمن بالله { رَّحِيمٌ } لمن مات منهم على الإيمان والتوبة.