التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ
١
يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ
٢
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ
٣
كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ
٤
يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
٥
ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٦
وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ
٧
-الحج

الكشف والبيان

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } الزلزلة والزلزال: شدّة الحركة على الحال الهائلة، من قوله: زلّت قدمه إذا زالت عن الجهة بسرعة، ثم ضوعف.
{ يَوْمَ تَرَوْنَهَا } يعني الساعة { تَذْهَلُ } أي تشغل، عن ابن عباس، وقال الضحّاك تسلو، ابن حيان: تنسى، يقال: ذهلت عن كذا أي تركته واشتغلت بغيره أذهل ذهولاً، وأذهلني الشيء إذهالاً. قال الشاعر:

صحا قلبه ياعزُّ أو كاد يذهل

{ كُلُّ مُرْضِعَةٍ } يعني ذات ولد رضيع، والمرضع المرأة التي لها صبي ترضعه لغيرها، هذا قول أهل الكوفة، وقال أهل البصرة: يقال: امرأة مرضع إذا أُريد به الصفة مثل مقرب ومشرق وحامل وحائض، فإذا أرادوا الفعل أدخلوا الهاء فقيل: مرضعة، التي ترضع وَلَدَها.
{ وتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا } أي تسقط ولدها من هول ذلك اليوم.
{ وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ }.
قال الحسن: معناه: وترى الناس سكارى من الخوف، ما هم بسكارى من الشراب.
وقال أهل المعاني: مجازه: وترى الناس كأنّهم سكارى، تدل عليه قراءة أبي زرعة بن عمرو بن جرير: وتُرى الناس بضم التاء أي تظن.
وقرأ أهل الكوفة إلاّ عاصماً: سكرى وما هم سكرى بغير ألف فيهما، وهما لغتان لجمع السكران مثل كسلى وكسالى { وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ }.
روى عمران بن حصين وأبو سعيد الخدري وغيرهما: إنَّ هاتين الآيتين نزلتا ليلاً في غزوة بني المصطلق وهم حيّ من خزاعة والناس يسيرون، فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحثوا المطيّ حتى كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأهما عليهم فلم يُر أكثر باكياً من تلك الليلة، فلمّا أصبحوا لم يحطّوا السُرُج عن الدواب ولم يضربوا الخيام ولم يطبخوا قدراً والناس من بين باك أو حاسر حزين متفكّر، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أبشروا وسدّدوا وقاربوا، فإن معكم خليقتين ما كانتا في قوم إلاّ كثّرتاه يأجوج ومأجوج.
ثمَّ قال: إنّي لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبّروا وحمدوا الله، ثمَّ قال: إنّي لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبّروا وحمدوا الله، ثمَّ قال: اني لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبّروا وحمدوا الله، ثمَّ قال: إنّي لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنّة وإنّ أهل الجنة، مائة وعشرون صفاً، ثمانون منها أُمّتي وما المسلمون في الكفّار إلاّ كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة، بل كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، ثمَّ قال: ويدخل من أُمتي سبعون ألفاً الجنة بغير حساب، فقال عمر: سبعون ألفاً؟ فقال: نعم ومع كلّ واحد سبعون ألفاّ، فقام عكاشة بن محصن فقال: يارسول الله ادع الله اٌن يجعلني منهم، قال: أنت منهم، فقام رجل من الأنصار فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبقك بها عكاشة"
.