التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ
١١
إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا
١٢
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا
١٣
فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا
١٤
وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا
١٥
-الشمس

الكشف والبيان

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ} بطغيانها وعداوتها.
وروى عطاء الخراساني عن ابن عبّاس قال: اسم العذاب الذي جاءهم الطغوى، فقال: كذّبت ثموت بعذابها.
وقرأه العامّة بفتح الطاء، وقرأ الحسن وحمّاد بن سلمة بطغواها بضمّ الطاء، وهي لغة كالفتوى والفتُوى والفتيا {إِذِ ٱنبَعَثَ} قام {أَشْقَاهَا} وهو قدار بن سالف عاقر الناقة وكان رجلاً أشقر أزرق قصيراً ملتزق الخلق واسم أُمّه قديرة. أخبرنا محمد بن حمدون قال: أخبرنا مكّي قال: حدّثنا عبد الرحمن قال: حدّثنا سفيان قال: حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن زمعة قال:
"ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عاقر الناقة وقال: انتدب لها رجل ذو عزّ ومنعة في قومه كأبي زمعة" وذكر الحديث.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {نَاقَةَ ٱللَّهِ} إغراء وتحذير، أي احذروا عقر ناقة الله، كقولك: الأسد الأسد.
{وَسُقْيَاهَا} شربها وسقيها من الماء، فلا تزاحموها فيه، كما قال الله سبحانه:
{ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [الشعراء: 155].
{فَكَذَّبُوهُ} يعني صالحاً (عليه السلام)، {فَعَقَرُوهَا} يعني الناقة {فَدَمْدَمَ} دمّر {عَلَيْهِمْ} وأهلكهم {رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ} بتكذيبهم رسوله وعقرهم ناقته.
{فَسَوَّاهَا} فسوّى الدمدمة عليهم جميعاً، عمّهم بها، فلم يفلت منهم أحد. وقال المروج: الدمدمة: إهلاك باستئصال، وقال بعض أهل اللغة: الدمدمة: الإدامة. تقول العرب: ناقة مدمومة أي سمينة مملوءة، وقرأ عبد الله بن الزبير (فدهدم عليهم) بالهاء، وهما لغتان، كقولك امتقع لونه واهتقع إذا تغير.
{وَلاَ يَخَافُ} قرأ أهل الحجاز والشام فلا بالفاء وكذلك هو في مصاحفهم، الباقون بالواو، وهكذا في مصاحفهم {عُقْبَاهَا} عاقبتها.
واختلف العلماء في معنى ذلك، فقال الحسن: يعني ولا يخاف الله من أحد تبعة في إهلاكهم، وهي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وقال الضحّاك والسدي والكلبي: هو راجع إلى العاقر، وفي الكلام تقديم وتأخير معناه: إذ انبعث أشقاها ولا يخاف عقباها.