التفاسير

< >
عرض

إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا
١
وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا
٢
وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا
٣
يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا
٤
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا
٥
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ
٦
-الزلزلة

الكشف والبيان

{ إِذَا زُلْزِلَتِ } حُرّكت الأرض حركة شديدة لقيام الساعة { زِلْزَالَهَا } تحركها وقراءة العامّة بكسر الزاي.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا [الباقرجي] قال: حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن ياسين البغدادي قال: حدّثنا جميل بن الحسن قال: حدّثنا أحمد بن موسى صاحب اللؤلؤ قال: سمعت عاصم الجحدري يقرأ: { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } الزاي مفتوحة وهو مصدر أيضاً كالوسواس والقلقال والجرجار، وقيل: الكسر المصدر والفتح الاسم.
{ وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } موتاها وكنوزها فيقلبها على ظهرها { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } وقيل: في الآية تقديم وتأخير تقديره { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } فيقول الإنسان: ما لها.
قال المفسّرون: تُخْبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شرّ فتقول للمؤمن يوم القيامة: جدّ عليَّ وصام وصلّى واجتهد وأطاع ربّه، فيفرح المؤمن بذلك، وتقول للكافر: شرك عليَّ وزنى [وسرق] وشرب الخمر فيوبّخ بالمشهد، وتشهد عليه الجوارح والملائكة مع علم اللّه سبحانه به حتى يودُّ أنه سيق إلى النار مما يرى من الفضوح.
حدّثنا أبو بكر محمد بن عبدوس المزكى إملاءً قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل المروزي قال: حدّثنا عبد اللّه بن حمّاد الآملي قال: حدّثنا سعيد بن أبي مريم قال: حدّثنا رشد بن سعد قال: حدّثنا يحيى بن أبي سلمى عن أبي حازم عن أنس بن مالك أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الأرض لتخبر يوم القيامة بكل عمل عُمِلَ على ظهرها قال: وتلا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } حتى بلغ { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } قال: أتدرون ما أخبارها؟ إذا كان يوم القيامة أخبرت بكل عمل عُمِلَ على ظهرها" .
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا علي بن الحسن بن مطرف الجراحي قال: حدّثنا أبو عيسى عبد الرحمن بن عبد اللّه الأنباري قال: حدّثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدّثنا خالد بن يزيد العمري قال: حدّثنا شعبة عن يحيى بن سليم أبي بلج عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة أن النبي (عليه السلام) ذكر هذه الآية: "{ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } فقال: تدري ما أخبارها؟ قال: اللّه ورسوله أعلم.
قال: فإن أخبارها أن تشهد على كلّ عبد وأَمة بما عمل على ظهرها من شيء، تقول: عمل على ظهري كذا وكذا، أو حملتُ على ظهري كذا وكذا يوم كذا لكذا وكذا، فهذه أخبارها"
.
وفي حرف ابن مسعود يومئذ تنبيُ أخبارها.
أخبرنا عبد اللّه بن حامد قال: أخبرنا المطرفي قال: حدّثنا بشر بن مطر قال: حدّثنا سفيان عن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه وكان أبوه يتيماً في حجر أبي سعيد الخدري قال: قال لي يعني أبا سعيد: يا بُنيَّ إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالأذان فإني سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول:
"لا يسمعه جنّ ولا إنس ولا حجر إلاّ يشهد له" .
أخبرنا عبد اللّه بن حامد قال: حدّثنا محمد بن عامر السمرقندي قال: حدّثنا ابن الحسين قال: حدّثنا علي بن حميد عن إبراهيم عن أبيه قال: رأيت أبا أُميّة صلّى في المسجد الحرام المكتوبة، ثم تقدم فجعل يصلي هاهنا وهاهنا، فلمّا فرغ قلت: يا أبا أُميّة ما هذا الذي رأيتك تصنع؟ قال قرأت هذه الآية: { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } فاردت أن تشهد لي يوم القيامة.
{ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } أي أمرها بالكلام واذن لها فيه، قال [العجاج يصف الأرض]:

أوحى لها القرار فاستقرّتوشدّها بالراسيات الثُبَّت

أي أمرها بالقرار.
وقال ابن عباس والقرظي وابن زيد: أوحى إليها. ومجاز الآية: يوحي اللّه إليها.
{ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } عن موقفِ الحساب، أشتاتاً: متفرقين فآخذٌ ذات اليمين إلى الجنة، وآخذ ذات الشمال إلى النار { لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } قيل: في هذه الآية تقديم وتأخير تقديرها { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } وقراءة العامّة ليُروا بضم الياء، وقرأ الحسن والأعرج بفتح الياء وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .