التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ
١٠٨
-هود

الدر المصون

قوله تعالى: { عَطَآءً } نُصِبَ على المصدر المؤكد من معنى الجملةِ قبله؛ لأن قوله: "ففي الجنة خالدين" يقتضي إعطاء وإنعاماً فكأنه قيل: يُعْطيهم عَطاءً، وعطاء اسم مصدر، والمصدر في الحقيقة الإِعطاء على الإِفعال، أو يكونُ مصدراً على حذف الزوائد كقوله: { أَنبَتَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ نَبَاتاً } [نوح: 17]، أو هو منصوب بمقدَّرٍ موافِقٍ له، أي: فَنَبَتُّم نباتاً، وكذلك هنا يقال: عَطَوْتُ بمعنى تناولْت.
و "غيرَ مَجْذوذ" نَعْتُه. والمجذوذ: المقطوع، ويقال لِفُتات الذهب والفضة والحجارة: "جُذاذ" من ذلك، وهو قريب من الجَدِّ بالمهملة في المعنىٰ، إلا أن الراغب جَعَل جَدَّ بالمهملة بمعنى قَطْع الأرضِ المستوية، ومنه "جَدَّ في سيره يَجِدُّ جَدَّاً"، ثم قال: "وتُصُوِّر مِنْ جَدَدْتُ [الأرضَ] القَطْعُ المجردُ فقيل: جَدَدْتُ الثوب إذا قطعتَه على وجهِ الإِصلاح، وثوبٌ جديد أصله المقطوع، ثم جُعل لكل ما أُحْدِث إنشاؤه". والظاهرُ أن المادتين متقاربتان في المعنىٰ، وقد ذكرْتُ لهما نظائرَ نحو: عَتَا وعَثا وكثب وكتب.