التفاسير

< >
عرض

وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ
٢٣
-إبراهيم

الدر المصون

قوله تعالى: { وَأُدْخِلَ } قرأ العامَّةُ "أُدْخِلَ" ماضياً مبنياً للمفعولِ، والفاعلُ اللهُ أو الملائكة. والحسن وعمرو بن عبيد "وأُدْخِلُ" مضارعاً مسنداً للمتكلم وهو الله تعالى، فمحَلُّ الموصولِ على الأول رفعٌ، وعلى الثانية نصبٌ.
قوله: { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } في "[قراءةِ] العامَّةِ يتعلق بأُدْخِلَ، أي: أُدْخِلوا بأمرهِ وتيسيرِه. ويجوز تعلُّقه بمحذوف على أنه حالٌ، أي: ملتبسين بأمرِ ربهم، وجوَّز أبو البقاء أن يكون من تمام "خالدين" يعني أنه متعلِّقٌ به، وليس بممتنعٍ. وأمَّا على قراءة الشيخين فقال الزمخشري: "فيم تتعلَّق في القراءة الأخرى، وقولُك "وأُدْخِلُ أنا بإذنِ ربِّهم" كلامٌ غير مُلتئمٍ؟ قلت: الوجهُ في هذه القراءة أَنْ يتعلق بما بعده، أي: تحيتُهم فيها سلامٌ بإذن ربهم". ورَدَّ عليه الشيخ هذا بأنه لا يتقدَّم معمولُ المصدر عليه.
وقد عَلَّقه غيرُ الزمخشري بأُدْخِلُ، ولا تنافٌرَ في ذلك؛ لأنَّ كلَّ أحدٍ يعلم أن المتكلم - في قوله: وأُدْخِلُ أنا - هو الربُّ تعالى. وأحسنُ من هذين أن تتعلَّقَ في هذه القراءة بمحذوفٍ على أنه حالٌ كما تقدَّم تقريرُه. و"تحيتُهم" مصدرٌ مضاف لمفعولِه، أي: يُحَيِّيهم الله أو الملائكة. ويجوز أَنْ يكونَ مضافاً لفاعله، أي: يُحَيِّي بعضُهم بعضاً. ويعضد الأولَ:
{ { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم } [الرعد: 23]. و "فيها" متعلقٌ به.