التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ
٣٩
-إبراهيم

الدر المصون

قوله تعالى: { عَلَى ٱلْكِبَرِ }: فيه وجهان، أحدُهما: أنَّ "على" على بابها من الاستعلاءِ المجازيِّ. والثاني: أنها بمعنى مع كقوله:

2901- إنِّي على ما تَرَيْنَ من كِبَري أعلمُ مِنْ تُؤْكَلُ الكَتِفَ

قاله الزمخشري. ومحلُّ هذا الجارِّ النصبُ على الحالِ من الباء في "هَبْ لي".
قوله: { لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } فيه أوجه، أحدُها: أن يكون فعيل مثالَ مبالغةٍ مضافاً إلى مفعولِه، وإضافتُه مِنْ نصبٍ، وهذا دليلٌ لسيبويه على أن فَعِيلاً يعملُ عملَ اسمِ الفاعل، وإن كان قد خالف جمهور البصريين والكوفيين.
الثاني: انَّ الإِضافةَ ليسَتْ مِنْ نصبٍ، وإنما هو كقولك: "هذا ضاربُ زيدٍ أمس". الثالث: أنَّ سميعاً مضافٌ لمرفوعه ويُجْعَلُ دعاءُ الله سميعاً على المجاز، والمراد سماع الله، قاله الزمخشري.
قال الشيخ: "وهو بعيدٌ لاستلزامِهِ أن يكونَ من الصفة المشبهة والصفةُ متعديةُ، وهذا إنما يتأتَّى على قولِ الفارسيِّ فإنه يُجيز أن تكونَ الصفةُ المشبهة من الفعلِ المتعدِّي بشرطِ أَمْنِ اللَّبْس نحو: "زيد ظالمُ العبيد" إذا عُلِم أن له عبيداً ظالمين، وأمَّا هنا فالَّبْسُ حاصلٌ؛ إذ الظاهرُ أنه من إضافةِ المثالِ للمفعولِ لا للفاعل".
قلت: واللَّبْسُ أيضاً هنا مُنْتَفٍ لأن المعنى على الإِسناد المجازي كما تقرَّر فانتفى اللَّبْسُ.