التفاسير

< >
عرض

وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ
٤٥
-إبراهيم

الدر المصون

قوله تعالى: { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ }: أصلُ "سَكَن" التعدِّي بـ "في" كما في هذه الآيةِ، وقد يتعدَّى بنفسه. قال الزمخشريُّ: "السُّكْنَى مِن السكونِ الذي هو اللُّبْث، وأصلُ تَعَدِّيه بـ "في" كقولك: قَرَّ/ في الدارِ، وأقامَ فيها، وغَنِي فيها، ولكنه لمَّا نُقِل إلى سكونٍ خاص تصَرَّفَ فيه، فقيل: "سَكَنَ الدارَ" كما قيل: تبوَّأَها وأَوْطَنها، ويجوز ان يكونَ مِن السُّكون، اي: قَرُّوا فيها واطمأنُّوا".
قوله: "وتَبَيَّنَ" فاعلُه مضمرٌ لدلالةِ الكلامِ عليه، [أي]: حالُهم وخبرُهم وهلاكُهم. و "كيف" نَصْبٌ بفَعَلْنا، وجملةُ الاستفهامِ ليست معمولةً لـ "تَبَيَّن"؛ لأنه من الأفعال التي لا تُعَلَّق، ولا جائزٌ أن يكونَ "كيف" فاعلاً،؛ لأنها: إمَّا شرطيةٌ أو استفهاميةٌ، وكلاهما لا يعمل فيه ما تقدَّمه، والفاعلُ لا يتقدَّم عندنا.
وقال بعض الكوفيين: "إنَّ جملةَ "كيف فَعَلْنا" هو الفاعلُ"، وهم يُجيزون أن تكونَ الجملةُ فاعلاً، وقد تقدم هذا قريباً في قوله تعالى:
{ { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ } [يوسف: 35].
والعامَّةُ على "تَبَيَّن" فعلاً ماضياً. وقرأ عمر لن الخطاب والسُّلَمي في روايةٍ عنه: "ونُبَيِّنَ" بضمِّ النونِ الأولى والثانية، مضارع "بَيَّن"، وهو خبرُ مبتدأ مضمرٍ، والجملةُ حالٌ، أي: ونحنُ نبيِّن. وقرأ السُّلَميُّ - فيما نقل المهدويُّ - كذلك إلاَّ أنه سَكَّن النونَ للجزمِ نَسَقاً على "تكونوا"، فيكونُ داخلاً في حيِّز التقدير.