التفاسير

< >
عرض

مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ
٨
-الحجر

الدر المصون

قوله تعالى: { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ } قرأ أبو بكر: "ما نُنَزِّل" بضمِّ التاء وفتحِ النونِ والزايِ مشددةً مبنياً للمفعول، "الملائكةُ" مرفوعاً لقيامِه مَقامَ فاعلِه، وهو موافقٌ لقولِه: { { وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } [الفرقان:25]، ولأنها لا تُنَزَّلُ إلا بأمرٍ من الله، فغيرُها هو المُنَزِّل لها وهو الله تعالى.
وقرأ الأخَوان وحفصٌ بضم النون وفتح الثانية وكَسْرِ الزاي مشددةً مبنياً للفاعل المعَظَّم، وهو الباري تعالى، "الملائكةَ" نصباً مفعولاً بها، وهو موافِقٌ لقولِه تعالى
{ { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ } [الأنعام: 111]، ويناسِبُ قولَه قبل ذلك { { وَمَآ أَهْلَكْنَا } [الحجر: 4]، وقولُه بعده { { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا } [الحجر: 9] وما بعده من ألفاظِ التعظيمِ. والباقون من السبعةِ "ما تَنَزَّلُ" بفتح التاء والنون والزايِ/ مشددةً، و "الملائكةُ" مرفوعةً على الفاعلية، والأصل: تَتَنَزَّل بتاءين، فَحُذِفت إحداهما، وقد تقدَّم تقريرُه في { { تَذَكَّرُونَ } [الأنعام: 152] ونحوه، وهو موافقٌ لقولِه { { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا } [القدر: 4].
وقرأ زيدُ بنُ عليّ "ما نَزَلَ" مخفَّفاً مبنياً للفاعل، "الملائكة" مرفوعةً بالفاعلية، وهو كقولِه
{ { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } [الشعراء: 193].
قوله: { إِلاَّ بِٱلحَقِّ } يجوز تعلٌُّق بالفعلِ قبله، أو بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنَ الفاعلِ أو المفعولِ، أي: ملتبسين بالحق. ودعله الزمخشريُّ نعتاً لمصدر محذوف، أي: تَنَزُّلاً ملتبساً بالحقِّ.
قوله: "إَذَنْ" قال الزمخشري: "إذن" حرفُ جوابٍ وجزاءٍ؛ لأنَّها جوابٌ لهم، وجزاءُ الشرطِ مقدرٌ، تقديرُه: ولو نَزَّلْنا الملائكة ما كانوا مُنْظرين ومات أُخِّر عذابُهم.