التفاسير

< >
عرض

وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ
٥٢
-النحل

الدر المصون

قوله تعالى: { وَاصِباً }: حالٌ من "الدِّين" العاملُ فيها الاستقرارُ المتضمِّنُ الجارُّ الواقعَ خبراً. والواصِبُ: الدائم، قال حسَّان:

2979- غَيَّرَتْهُ الريحُ تَسْفِي بِهِ وهَزِيْمٌ رَعْدُهُ واصِبُ

[وقال] أبو الأسود:

2980- لا أبتغيْ الحَمْدَ القليلَ بقاؤُه يوماً بِذَمِّ الدهرِ أَجْمَعَ واصِبا

والوَصِبُ: العليلُ لمداوَمَةِ السَّقَمِ له. وقيل: مِنَ الوَصَبِ وهو التَّعَبُ، ويكون حينئذٍ على النَّسَب، أي: ذا وَصَبٍ؛ لأن الدينَ فيه تكاليفُ ومَشَاقُّ على العبادِ، فهو كقوله:

2981- ............................ ...... أضحى فؤادي به فاتِنا

أي: ذا فُتُوْن, وقيل: الواصِبُ: الخالِصُ.
وقال ابن عطية: والواوُ في قوله: { وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَاوَاتِ } عاطفةٌ على قولِه { إِلـٰهٌ وَاحِدٌ }، ويجوزُ أن تكونَ واوَ ابتداء". قال الشيخ: "ولا يُقال واوُ ابتداءٍ إلا لواوِ الحال، ولا تظهر هنا الحالُ". قلت: وقد يُطْلِقون واوَ الابتداء، ويريدون واوَ الاستئناف، أي: التي لم يُقْصَدْ بها عطفٌ ولا تَشْريكٌ، وقد نصُّوا على ذلك فقالوا: قد يُؤْتَى بالواو أولَ كلامٍ من غير قَصْدٍ إلى عَطفٍ. واسْتَدَلُّوا على ذلك بإتيانهم بها في أولِ قصائدِهم وأشعارِهم، وهو كثيرٌ جداً. ومعنى قولِه "عاطفة على قوله { إِلـٰهٌ وَاحِدٌ }، أي: أنها عَطَفَتْ جملةً على مفرد، فيجبُ تأويلُها بمفردٍ لأنها عَطَفَتْ على الخبرِ فيكونُ خبراً، ويجوز على كونِها عاطفةً أن تكونَ عاطفةً على الجملة بأسرها، وهي قوله { إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } وكأنَّ ابنَ عطية قَصَدَ بواوِ الابتداءِ هذا، فإنها استئنافيةٌ.