التفاسير

< >
عرض

وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ
٦
-النحل

الدر المصون

قوله تعالى: { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ }: كقوله: { { لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ } [النحل: 5]. و"حين" منصوبٌ بنفس "جَمال"، أو بمحذوفٍ على أنه صفةٌ له، أو معمولٌ لِما عَمِل في "فيها" أو في "لكم".
وقرأ عكرمةُ والضحاكُ "حينا" بالتنوين على أنَّ الجملةَ بعدَه صفةٌ له، والعائدُ محذوفٌ، أي: حيناً تُرِيْحون فيه، وحيناً تَسْرحُون فيه، كقولِه تعالى:
{ { وَٱتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ } [البقرة: 281].
وقُدِّمَتْ الإِراحةُ على السَّرْحِ؛ لأنَّ الأنعامَ فيها أجملُ لِمَلْءِ بطونِها وتَحَفُّلِ ضُروعِها.
والجَمالُ: مصدرُ جَمُلَ بضمِّ الميم يَجْمُل فهو جميل، وهي جميلة. وحكى الكسائيُّ جَمْلاء كَحَمْراء، وأنشد:

2957- فهِيَ جَمْلاءُ كَبَدْرٍ طالعٍ بَذَّتِ الخَلْقَ جميعاً بالجَمالْ

ويقال: أراحَ الماشيةَ وهَرَاحَها بالهاءِ بدلاً من الهمزة. وسَرَحَ الإِبلَ يَسْرَحُها سَرْحاً، أي: أرسلَها، وأصلُه أن يُرْسِلَها لترعى السَّرْحَ، والسَّرْحُ شجرٌ له ثمرٌ، الواحدة سَرْحَة. قال:

2958- أبى اللهُ إلا أنَّ سَرْحَةَ مالكٍ على كلِّ افنانِ العِضاهِ تَرُوْقُ

وقال:

2959- بَطَلٌ كأن ثيابَه في سَرْحةٍ يُحْذَى نِعالَ السَّبْتِ ليس بتوْءَم

ثم أُطْلِق على كل إرسالٍ، واستُعير أيضاً للطَّلاق فقالوا: سَرَّحَ فلانٌ امرأتَه، كما تسعير الطلاقُ أيضاً من إطلاق الإِبل من عُلُقِها. واعتُبِر من السَّرْحِ المُضِيُّ فقيل: ناقَةَ سُرُحٌ، أي: سريعة قال:

2960- ... سُرُحُ اليَدَيْن ........... ..............................

وحَذَفَ مفعولي "تُرِيْحون" و "تَسْرَحُون" مراعاةً للفواصل مع العلم بهما.