التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً
٥
-الإسراء

الدر المصون

قوله تعالى: { وَعْد }: أي: مَوْْعُود، فهو مصدرٌ واقعٌ موقعَ مفعول، وتركه الزمخشري على حالِه، لكن بحذف مضاف، أي: وَعْدُ عقابِ أُوْلاهما. وقيل: الوَعْدُ بمعنى الوعيد. وقيل: بمعنى المَوْعِد الذي يُراد به الوقتَ. فهذه أربعةُ أوجهٍ. والضميرُ عائدٌ على المرتين.
قوله: "عِباداً" العامَّةُ على "عِباد" بزنة فِعال، وزيدُ بن علي والحسنُ "عبيداً" على فَعِيْل، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك.
قوله: "فجاسُوا" عطفٌ على "بَعَثْنا"، أي: تَرَتَّب على بعثنا إياهم هذا. والجَوْسُ والجُوْس بفتحِ الجيمِ وضمِّها مصدرَ جاسَ يَجُوسُ، أي: فَتَّشَ ونقَّبَ، قاله أبو عبيد. وقال الفراء: "قَتَلُوا" قال حسان:

3026- ومِنَّا الذي لاقى بسيفِ محمدٍ فجاسَ به الأعداءُ عَرْضَ العساكرِ

وقال أبو زيد: "الجُوسُ والجَوْسُ والحَوْسُ والهَوْسُ طَلَبُ الطَّوْف بالليل". وقارب قطرب: "جاسُوا: نزلوا". وأنشد:

3027- فَجُسْنا ديارَهُمُ عَنْوَةً وأُبْنا بساداتِهم مُوْثَقِيْنا

وقيل: "جاسُوا بمعنى داسوا"، وأنشد:

3028- إليك جُسْنا الفِيلَ بالمَطِيِّ

وقيل: الجَوْسُ: التردُّد. وقيل: طَلَبُ الشيءِ باستقصاء. ويقال: "حاسُوا" بالحاءِ المهملة، وبها قرأ طلحة وأبو السَِّمَّال، وقرئ "فَجَوَّسُوا" بالجيم بزنة نُكِّسُوا.
قوله: "خلالَ" العامَّةُ على "خِلال" وهو محتملٌ لوجهين، أحدهما: أنه جمعُ خَلَل كجِبال في جَبَل، وجِمال في جَمَل. والثاني: أنه اسمٌٌ مفردٌ بمعنى وَسْط، ويدلُّ له قراءةُ الحسن "خَلَلَ الدِّيار". وقوله: "وكان وَعْداً"، أي: وكان الجَوْسُ، أو وكان وَعْدُ أُوْلاهما، أو وكان وَعْدُ عقابِهم.