التفاسير

< >
عرض

يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً
٦
-مريم

الدر المصون

قوله: { يَرِثُنِي وَيَرِثُ }: قرأ أبو عمروٍ والكسائي بجزمِ الفعلين على أنَّهما جوابٌ للأمر إذ تقديرُه: إن يَهَبْ يَرِثْ. والباقون برفِعهما على أنَّهما صفةٌ لـ"وليَّاً".
وقرأ عليٌّ أميرُ المؤمنين - رضي الله عنه - وابن عباس والحسن ويحيى بن يعمر والجحدري وقتادة في آخرين: "يَرِثُني" بياء الغيبة والرفع، وأَرثُ" مُسْنداً لضمير المتكلم. قال صاحب "اللوامح": في الكلامِ تقديمٌ وتأخيرٌ. والتقديرُ: يَرِثُ نبوَّتي إن مِتُّ قبلَه وأَرِثُه مالَه إنْ مات قبلي". ونُقِل هذا عن الحسن.
وقرأ عليٌّ أيضاً وابن عباس والجحدري "يَرِثُني وارثٌ" جعلوه اسمَ فاعلٍ، أي: يَرِثُني به وارِثٌ، ويُسَمى هذا "التجريدَ" في علم البيان.
وقرأ مجاهد "أُوَيْرِثٌ" وهو تصغيرُ "وارِث"، والأصلُ وُوَيْرِث بواوين. وَجَبَ قَلْبُ أولاهما همزةً لاجتماعهما متحركتين أولَ كلمةٍ، ونحو "أُوُيْصِل" تصغيرَ "واصل". والواو الثانية بدلٌ عن ألفِ فاعِل. وأُوَيْرِث مصروفٌ. لا يُقال: ينبغي أن يكونَ غيرَ مصروفٍ لأنَّ فيه علتين الوصفيةَ ووزنَ الفعل، فإنه بزنة أُبَيْطِر مضارع بَيْطَر، وهذا مِمَّا يكون الاسم فيه منصرفاً في التكبير ممتنعاً في التصغير. لا يُقال ذلك لأنه غَلَطٌ بَيِّنٌ؛ لأنَّ "أُوَيْرِثاً" وزنُه فُوَيْعِل لا أُفَيْعِل بخلافِ "أُحَيْمِر" تصعير "أَحْمَر".
وقرأ الزُّهْري "وارِث" بكسرِ الواو، ويَعْنون بها الإِمالةَ.
قوله: "رَضِيَّا" مفعولٌ ثانٍ، وهو فَعِيْل بمعنى فاعِل، وأصلُه رَضِيْوٌ لأنه مِنَ الرِّضْوان.