التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ
١٣٩
-البقرة

الدر المصون

قوله تعالى: { أَتُحَآجُّونَنَا }: الاستفهامُ هنا للإِنكار والتوبيخِ. والجمهورُ: "أتحاجُّوننا" بنونين الأولى للرفعِ والثانيةُ نونُ "نا" وقرأ زيدٌ والحسنُ والأعمشُ بالإدغام، وأجاز بعضُهم حَذْفَ النونِ الأولى، فأمَّا قراءةُ الجمهورِ فواضحةٌ، وأمّا قراءةُ الإِدغامِ فلاجتماعِ مِثْلَيْن، وسَوَّغَ الإِدغام وجودُ حرفِ المَدِّ واللين قبلَه القائمِ مقام الحركةِ، وأما من حَذَفَ فبالحَمْلِ على نونِ الوقايةِ كقراءة: { فَبِمَ تُبَشِّرُونَ } [الحجر: 54] وقولِه:

750 ـ تَراه كالثَّغام يُعَلُّ مِسْكاً يَسُوءُ الفالياتِ إذا فَلَيْني

يريد: فلينني، وهذه الآيةُ مثلُ قولِه: { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ } [الزمر: 64] فإنه قُرِئَتْ بالأوجهِ الثلاثةِ: الفَكِّ والإِدغامِ والحَذْفِ، ولكن في المتواتِر، وهنا لم يُقْرَأْ في المشهورِ كما تقدَّم إلا بالفك. ومَحَلُّ هذه الجملةِ النصبُ بالقولِ قَبْلها. والضميرُ في "قل" يَحْتَمِلُ أن يكونَ للنبي عليه السلام أو لكلِّ مَنْ يَصْلُح للخطابِ، والضميرُ المرفوعُ في "أتحاجُّوننا" لليهودِ والنصارى أو لمشركي العَرَبِ. والمُحَاجَّةُ مُفَاعَلة من حَجَّه يَحُجُّه. وقولُه "في الله" لا بدَّ من حَذْفِ مضافٍ أي: في شأنِ الله أو دينِ الله.
قوله: { وَهُوَ رَبُّنَا } مبتدأٌ وخبرٌ في محلِّ نصبٍ على الحالِ، وكذا ما عُطِفَ عليه من قولِه: "ولنا أعمالُنا" ولا بُدَّ من حَذْفِ مضافٍ أي: جَزَاءُ أعمالِنا ولكم جزاءُ أعمالِكم.