قولُه تعالى: { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ }: مفعولُ "كُلوا" محذوفٌ، أي: كُلوا رزقَكم. وفي "مِنْ" حينئذٍ وجهان، أحدُهما: أَنْ تكونَ لابتداءِ الغايةِ فتتعلَّقَ بـ"كلوا". والثاني: أَنْ تكونَ تبعيضيَّة فتتعلَّق بمحذوفٍ إذ هي حالٌ من ذلك المفعولِ المقدَّرِ، أي: كُلوا رزقَكم حالَ كونِهِ بعضَ طيباتِ ما رزقناكم. ويجوزُ في رأيِ الأخفش أن تكونَ "مِنْ" زائدةً في المفعولِ به، أي: كلوا طيباتِ ما رزقناكم. و "إنْ كُنْتُمْ" شرطٌ وجوابُهُ محذوفٌ، أي: فاشكروا له. وقولُ مَنْ قال مِنَ الكوفيين إنَّها بمعنى "إذ" ضعيفٌ. و "إياه" مفعولٌ مقدَّمٌ ليُفيدَ الاختصاصَ، أو لكونِ عامِلِه رأسَ آيةٍ، وانفصالُهُ واجبٌ، ولأنه متى تأخَّر وَجَبَ اتِّصالُه إلا في ضرورةٍ كقولِهِ:
815 ـ إليك حتى بَلَغَتْ إيَّا كا
وفي قولِهِ: { وَٱشْكُرُواْ للَّهِ } التفاتٌ من ضميرِ المتكلّم إلى الغَيْبَةِ، إذ لو جَرَى على الأسلوبِ الأولِ لقال: "واشكرونا".